بحسب الحكم الاستمراري ، فإذا انقطع بدليل المخصّص فعوده يحتاج إلى دليل وليس ، فيتمسّك حينئذ بالاستصحاب ، إذ لا عموم أزماني حسب الفرض.
ولا يخفى أنّ ما ذكره قدسسره له صورة صحّة لو فرض أنّ دليل العموم غير دليل الاستمرار ، كما إذا استفدنا العموم في الجملة من (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) واستفدنا الاستمرار من دليل آخر كالإجماع وشبهه ، إذ حينئذ يقال : بيع الغبن قد شمله (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) قطعا وقد انقطع بظهور الغبن فعوده يحتاج إلى دليل فيتمسّك بالاستصحاب ، بخلاف خيار المجلس فإنّ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) لم تشمله من أوّل الأمر ، فلو لم تشمله بعد ذلك لزم التخصيص الأفرادي ، ولكن الدليل الّذي يستفاد منه العموم هو الّذي يستفاد منه أنّ العموم بنحو الاستمرار فإنّ (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) كما أفادت العموم أفادت الاستمرار ، فإنّ الوفاء هو عبارة عن الكمال ومنه الدرهم الوافي ، والوفاء بالنذر بمعنى بلوغه مرتبة كماله ، وحينئذ فمعنى الوفاء بالعقد الاستمرار الزماني بمقتضاه ، وحينئذ فهذا الدليل الواحد قد خصّص في خيار المجلس في أوّل زمن من أزمانه ، فقد انقطع من أوّله فعوده يحتاج إلى دليل كالانقطاع في الوسط ، هذا مضافا إلى ما سيأتي إن شاء الله في توضيح ما ذكرناه هنا وإضافة امور آخر.
وقد ذكر الميرزا النائيني قدسسره (١) في المقام كلاما وتفصيلا آخر زعم أنّه هو الّذي أراده الشيخ الأنصاري وإن قصرت عبارته في الفرائد عن أدائه (٢) إلّا أنّه يوضّحه كلامه في المكاسب فإنّه بعد أن نقل عن المحقّق الكركي دعوى اعتبار الفوريّة في خيار الغبن (٣) استنادا إلى عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وأنّ التخصيص إنّما تحقّق بالنسبة
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٧١ ، وانظر فوائد الاصول ٤ : ٥٣٥ ، الأمر الرابع.
(٢) انظر الفرائد ٣ : ٢٧٥.
(٣) جامع المقاصد ٤ : ٣٨.