وبالجملة ، فليس ظاهر هذه الأخبار أنّ كلّ يقين تعلّق بشيء إذا تعلّق شكّ بشيء آخر لا ترفع اليد عن اليقين بالشكّ بالآخر إذا كان بينهما ربط ، مضافا إلى أنّ هذه الأخبار بمقتضى دلالتها على حجّية الاستصحاب تقتضي عدم حصول أثر المقتضي بحسب الاستصحاب ، وذلك مثلا إذا دخل خزينة الماء فمقتضى وصول الماء إلى البشرة متيقّن ، فإذا شكّ في وجود المانع فاستصحاب الحدث متحقّق فهو يرفع أثر اليقين بالمقتضي ، فهذه الأخبار حينئذ دالّة على عدم حجّية قاعدة المقتضي والمانع ، لأنّها دائما مسبوقة بعدم حصول أثر المقتضي. وبهذا يمكن أيضا أن يقال بدلالة هذه الأخبار على عدم حجّية قاعدة اليقين أيضا ، فإنّ اليقين بالحدوث مسبوق باليقين بالعدم وبعد حصول الشكّ الساري يشكّ في أنّ ذلك العدم السابق تبدّل بالحدوث أم لا فاستصحاب ذلك العدم يرفع حجّية قاعدة اليقين أيضا ، لأنّها دائما مسبوقة بالعدم.
فتلخّص أنّ هذه الأخبار لا تدلّ إلّا على حجّية الاستصحاب ولا تدلّ على حجّية قاعدة اليقين ولا على حجّية قاعدة المقتضي والمانع لو لم نقل بدلالتها على عدم حجّيتهما.
وربّما يستدلّ لقاعدة المقتضي والمانع ببناء العقلاء ، فإنّ بناءهم مستقرّ على عدم الاعتناء باحتمال المانع.
وفيه : أنّ هذه الدعوى عهدتها على مدّعيها ، نعم الداخل في الماء للغسل لا يتفحّص عن بدنه غالبا ، لكن لعلّ ذلك منه لاطمئنانه بعدم الحائل أو لغفلته عن الحائل كلّية ، فافهم وتأمّل.
الأمر الثالث : في وجه تقديم الأمارة على الاستصحاب
لا شبهة في تقديم الأمارة القائمة على خلاف الحالة السابقة على الاستصحاب ، فمن شكّ في الحدث بعد اليقين بالطهارة فشهد عنده عدلان بصدور الحدث منه يرتّب