الاستصحاب بالنظر إلى دليل الأمارة ، وحيث إنّ الحكومة عند الشيخ (١) والميرزا (٢) بمعنى تشمل بعض أفراد الورود على رأي الآخوند عبّروا عنها بالحكومة ، فافهم.
فتلخّص أنّ تقدّم الأمارات على الاستصحاب تقدّم بالحكومة بالمعنى المذكور لا بالمعنى المشهور ، لأنّ نفس دليل حجّية الأمارة الّذي هو دليل التعبّد رافع للشكّ الّذي هو موضوع الاستصحاب. وبهذا الاعتبار يتقدّم دليل الاستصحاب على الاصول الشرعيّة المحضة كأصالة الطهارة والحل والبراءة الشرعيّة ، فإنّ الاستصحاب كما قرّرنا أمارة حيث لا أمارة ، لأنّه ناظر إلى الواقع فهو يحكم ببقاء المتيقّن السابق ، فإنّه وإن اخذ فيه الشكّ ابتداء إلّا أنّه بعد جريان الاستصحاب يرتفع الشكّ بقاء ، وحينئذ فلا موضوع لأصالة الطهارة والحلّ والبراءة الشرعيّة ، لأنّه حينئذ يكون له علم فيرتفع عدم العلم بحكم الشارع المقدّس ، فبنفس دليل التعبّد يرتفع موضوع بقيّة الاصول.
ولكن تقدّم دليل الاستصحاب على الاصول العقليّة ـ كالتخيير والبراءة العقليّة الّتي موضوعها اللابيان ـ بالورود ، لأنّه إنّما يرتفع اللابيان وعدم المرجّح في التخيير بنفس التعبّد وبه يتحقّق البيان ويثبت المرجّح ، وهذا بحسب الظاهر واضح جدّا ، وبقي تقدّم الاستصحاب على قاعدة اليد والفراغ والتجاوز نتكلّم فيها بعد [الكلام عن] تعارض الاستصحابين.
الأمر الرابع : في تعارض الاستصحابين
إذا تنافى الاستصحابان فتارة يكون تنافيهما ناشئا من عدم إمكان الامتثال لا من جهة تكاذبهما ، بل يمكن أن يكونا صادقين مثل ما لو كان متيقّنا بنجاسة المسجد ثمّ شكّ فيها وأنّ المسجد طهر منها أم لا وشكّ في أنّه صلّى أم لا؟
__________________
(١) انظر الفرائد ٣ : ٣١٤ و ٤ : ١٣.
(٢) انظر أجود التقريرات ٣ : ١٩٢.