فيها : «لا تنقض اليقين بالشكّ» (١) وهذا لا إجمال فيه أصلا ، ولا يسري إجمال دليل إلى الآخر ليصير مجملا أيضا لو لم نقل بالعكس.
وهذان الإيرادان واردان ، وقد اعترف النائيني قدسسره بورودهما فأعرض عن دعوى المانع الإثباتي وادّعى أنّ هناك مانعا ثبوتيّا عن جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي (٢).
وملخّصه : أنّ الاصول المحرزة الّتي لها نظر إلى الواقع لا يعقل أن تجري حيث يعلم بمخالفتها للواقع ، لأنّه يستحيل على الشارع أن يعبّدنا بما هو مخالف للواقع بحسب علمنا ، وحينئذ فحيث إنّ المكلّف عالم بطهارة أحد الإناءين قطعا فكيف يعقل أن يعبّدنا الشارع بنجاستهما معا مع أنّ فيه علم قطعي بالمخالفة؟
ويرد عليه أوّلا : النقض بأنّه كيف يجري الاستصحاب وقاعدة الفراغ معا فيمن صلّى ثمّ شكّ في أنّه كان متطهّرا أم لا ، مع أنّ حالته السابقة الحدث؟ فإنّ قاعدة الفراغ الّتي هي أصل محرز بل لعلها أقوى من الاستصحاب تجري بالنسبة إلى الصلاة واستصحاب الحدث أيضا يجري ، فتقدّم قاعدة الفراغ لأخصيّتها بالنسبة إلى العمل الّذي قد فرغ منه ثمّ يجري استصحاب الحدث بالنسبة إلى الأعمال اللاحقة ، مع أنّه يعلم إجمالا بكذب أحدهما ، لأنّه إمّا يجب عليه إعادة تلك الصلاة أو لا يجب عليه الوضوء للصلاة اللاحقة ، فكيف التزموا بجريانهما معا؟ مع مخالفتهما لما هو المعلوم قطعا مع كونهما محرزين معا.
وثانيا بالحلّ وملخّصه : أنّ العلم الإجمالي إنّما هو بالجامع وهو طهارة أحدهما المفهوم المردّد الغير المعيّن حتّى واقعا ، ومتعلّقا اليقين والشكّ كلّ من الطرفين بالخصوص ولا مخالفة عمليّة في إجراء الأصلين حسب الفرض ، فليس حينئذ مانع
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٢١ ، الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٢) أجود التقريرات ٣ : ٤١٥.