والمسألة الفقهيّة ليست كذلك فإنّها عبارة عن الحكم الملقى إلى المكلّف فيطبقه عملا ، كما إذا حكم المجتهد بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال فيلقي هذا الحكم إلى المكلّف فيطبقه على مصاديقه ، كما في الحكم المرتّب على المسألة الاصوليّة المستنبطة منها.
وبالجملة ، تطبيق صغرى المسألة الاصوليّة وضمّ الكبرى الكلّية إليها شأن المجتهد ، وتطبيق الحكم الشرعي المستنبط على أفراده ومصاديقه شأن المقلّد بحيث لا ربط للمجتهد به كما في قاعدة الفراغ ، فإنّ الشكّ بعد الفراغ بعد بيان حكمه شرعا وإنّه لا عبرة به فتطبيقه بيد المقلّد ، فلو شكّ بعد الفراغ وإن لم يشكّ مقلّده ، بل وإن قطع بأنّه لم يأت المقلّد بما شكّ فيه يجري قاعدة الفراغ في حقّه فيصحّح صلاته.
الأمر الثاني : أنّ الأخبار في قاعدة التجاوز والفراغ كثيرة متفرّقة في باب الوضوء والصلاة ، إلّا أنّ الأخبار الّتي يستفاد منها أنّها قاعدة كلّية ـ لا اختصاص لها بباب دون باب ـ ستّة :
الأوّل : روى زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» (١).
الثاني : روى إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : «كلّ شيء شكّ فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه» (٢).
الثالث : الموثّقة : «كلّ شيء شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» (٣).
الرابع : موثّقة ابن أبي يعفور : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء إنّما الشكّ إذا كنت في شيء لم تجزه» (٤).
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث الأوّل.
(٢) الوسائل ٤ : ٩٣٧ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٤.
(٣) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٤) الوسائل ١ : ٣٣١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٢.