الخامس : قوله في الشكّ الصلاتي : «هو حين يصلّي أقرب إلى الحقّ منه حين يشكّ» (١).
السادس : قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢).
فإنّ مورد هاتين الأخيرتين وإن كان خاصّا إلّا أنّ عموم التعليل في الاولى والأذكريّة حين العمل منها بعد الفراغ يعطيان العموم.
الثالث : في أنّها أمارة أو أصل؟ الظاهر أنّها أمارة فإنّ الظاهر من أخبارها أنّها قاعدة جارية على مقتضى طبيعة العبد في مقام الامتثال ، فإنّ الظاهر من حاله بحسب نوعه أنّه يأتي بأجزاء العمل مترتّبة وأنّ الجزء الثاني مثلا لا يأتي به إلّا بعد الأوّل وكذا الثالث لا يأتي به إلّا بعد الثاني وهكذا ، فإذا رأى المكلّف نفسه في الجزء الثالث وشكّ في أنّه أتى بالجزء الثاني فمقتضى وضعه وطبعه أنّه لا يأتي بالثالث إلّا بعد الإتيان بالثاني بمقتضى ارتكازه لعلمه بترتّب الثالث على الثاني ، فالشارع المقدّس قد اعتبر هذا الظاهر أمارة وتعبّدنا بها ، وإلى هذا يشير قوله عليهالسلام : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» ، وقوله : «هو حين يصلّي أقرب منه إلى الحقّ حين يفرغ» وكذا غيرها من الأخبار (٣) فإنّها تشير إلى ذلك كقوله : «بلى قد ركعت» (٤) وكذا البواقي.
وحينئذ فقد ظهر أنّها أمارة لا أصل ، ولكنّ الإشكال في أنّها لو كانت أمارة لكان لوازمها حجّة كبقيّة الأمارات. والظاهر من الفقهاء قاطبة عدم ترتيب اللوازم
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٤٢ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣ ، مع اختلاف يسير.
(٢) الوسائل ١ : ٣٣٢ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٣) راجع الوسائل ١ : ٣٣١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، و ٥ : ٣٤٢ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
(٤) الوسائل ٤ : ٩٣٦ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٣.