الشرعيّة عليها ، فإنّ من صلّى وبعد الفراغ شكّ في أنّه كان متطهّرا أم لا يجرون قاعدة الفراغ في تصحيح تلك الصلاة ويوجبون له الوضوء بالإضافة إلى بقيّة ما هو مشروط بالطهارة ، وما ذلك إلّا لأنّها أصل لا أمارة ، ولكنّ الإنصاف أنّ ما هو المعروف من أنّ الأمارة يثبت لوازمها ، وأنّ الاصول لا تثبت لم يرد في نصّ ولا دليل ، وإنّما المتّبع الأدلّة الدالّة على حجّية ذلك المجعول فيثبت الحجّية بمقدار دلالته.
نعم ، فيما كان من قبيل الأقوال يثبت لوازمه من دليل خارج نظير الإقرار والبيّنة وأشباهها ، وأمّا غير ما كان من قبيل الأقوال ، سواء كان أمارة أو أصلا فإنّما يثبت بها بمقدار الدليل الدالّ على حجّيتها ، وما دلّ عليه الدليل في قاعدتي الفراغ والتجاوز إنّما هو البناء على الصحّة بالنسبة إلى ما مضى. وكذا جملة من الأمارات فإنّ التحرّي الّذي جعله الشارع حجّة في باب القبلة لو حصل له الظنّ بكون القبلة بهذا الجانب مثلا فلو وصلت إليه الشمس لا يحكم حينئذ بدخول الوقت ، لأنّ الشارع قد حكم بكون الظنّ أمارة على القبلة لا على الوقت ، وقد ذكرنا في الاستصحاب ما ينفعك في المقام.
هذه هي الامور الّتي ينبغي تقديمها ، ونتكلّم الآن في مسائلها فنقول :
المسألة الاولى : هل مقتضى أدلّة قاعدتي الفراغ والتجاوز العموم ، فيجريان في جميع الأشياء من العبادات والمعاملات جميعا أو أنّها خاصة في باب الوضوء والصلاة؟ الظاهر أنّ قاعدة الفراغ عامّة لكلّ ما ذكر عملا بمقتضى العموم الموجود في أدلّتها ، وأمّا قاعدة التجاوز فصريح كلام الشيخ الأنصاري قدسسره عمومها ، لأنّه أخرج الطهارات الثلاث من قاعدة التجاوز بالتخصيص ، الوضوء بالنصّ ، والغسل والتيمّم بالإجماع (١) وصريح كلام الميرزا النائيني قدسسره أنّ
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٣٣٦.