كما ذكرنا أيضا أنّه لا يضرّ في التمسّك بالإطلاق وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب ، وإلّا لم يمكن التمسّك بالإطلاق إلّا في نادر من الموارد ، فإنّه قلّما يوجد إطلاق ليس فيه قدر متيقّن في مقام التخاطب ، فلو اشترطنا ذلك لزم إلغاء جميع الإطلاقات عن الاستدلال بإطلاقها. نعم إذا كان ينصرف إلى بعض الأفراد انصرافا غير بدوي كانصراف الحيوان إلى غير الإنسان في قوله عليهالسلام ما مضمونه : الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه باطلة (١) ، فهذا لا يمكن التمسّك فيه بالإطلاق ، لأنّ الانصراف قرينة مانعة عن التمسّك بإطلاق الخبر. وقد ظهر أنّه بناء على كونهما قاعدتين أيضا يتمسّك بعمومهما وإطلاقهما وليس ثمّ مانع عن ذلك أصلا ، نعم يبقى خروج الطهارات من قاعدة التجاوز بالدليل المخصّص.
هذا تمام الكلام في عموم القاعدتين.
المسألة الثانية : في اعتبار الدخول في الغير وعدمه ، ويقع الكلام تارة في الشكّ في الوجود واخرى في الشكّ في الصحّة ، وليكن التعبير عن الشكّ في أصل الوجود بقاعدة التجاوز وعن الشكّ في الصحّة بقاعدة الفراغ ، أمّا اعتبار الدخول في الغير في الأوّل ـ يعني في قاعدة التجاوز بالمعنى المذكور ـ فأمر مفروغ عنه (لأخذ الدخول في الغير في صريح الصحيحتين اللتين هما مستند قاعدة التجاوز وهما صحيحتا زرارة وإسماعيل ، مضافا إلى عدم صدق التجاوز والخروج بدون الدخول في الغير) (٢).
نعم ، في الشكّ في الصحّة المعبّر عنها بقاعدة الفراغ بعد صدق المضيّ يقع الكلام في اعتبار الدخول في الغير وعدمه فنقول (*) :
__________________
(١) انظر الوسائل ٣ : ٢٥٠ ، الباب ٢ من أبواب لباس المصلّي.
(٢) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.
(*) لا يخفى أنّ هذا الكلام إنّما يتمّ بناء على وحدة قاعدة التجاوز والفراغ وأنّ الأخبار فيهما قد عبّرا بشيء واحد ، أمّا بناء على تعدّد القاعدتين فلا يتمّ لعدم المقيّد في أخبار قاعدة الفراغ كلّية إلّا أنّ هذا مبنيّ على رأيه في الدورة السابقة ، فافهم. (الجواهري).