فتلخّص أنّ الدخول في مطلق الغير كاف ولا حاجة إلى كونه مترتّبا على المشكوك أصلا ، ومن هنا كان الشكّ في التكبير قبل القراءة معتنى به والشكّ في صحّته قبل القراءة غير معتنى به لصدق المضيّ في صورة الشكّ في الصحّة لتحقّقه ، بخلاف صورة الشكّ في الوجود فإنّ التجاوز غير متحقّق عنها للشكّ في تحقّقها ، ولا عن محلّها لفرض بقاء المحل ، فافهم وتأمّل.
المسألة الثالثة : في أنّ الذي يتحقّق به عنوان التجاوز هو الدخول في مطلق الجزء أو الجزء المستقلّ أو مطلق الغير وإن كان من مقدّمات الأجزاء ، ذهب بعضهم (١) إلى كفاية مطلق الدخول في جزء آخر وإن كان جزء جزء ، فلو شكّ في الآية الاولى من الحمد وهو في الثانية تجري قاعدة التجاوز ، وكذا في نفس الآية الواحدة لو كان في آخرها وشكّ في أوّلها بل والكلمة الواحدة كذلك ، كلّ ذلك لتحقّق التجاوز في الجميع.
ولكنّ الإنصاف عدم صدق التجاوز عرفا لو شكّ في الآية الواحدة إذا كان آخرها مرتبطا بأوّلها فضلا عن الكلمة الواحدة ، لأنّ صدق التجاوز حقيقة لا يقتضي صدق التجاوز عرفا ، فإنّ الشكّ لو كان في آخر الآية في أنّه هل قرأها من أوّلها أو أنّه شرع في آخرها لا يصدق عليه أنّه شكّ في شيء وقد جاوزه ، بل يعدّه لم يتجاوزه ، هذا في الآية الواحدة المرتبطة فضلا عن الكلمة الواحدة ، نعم نفس السورة الواحدة لو شكّ وهو في آخرها في أنّه قرأها من أوّلها أم لا؟ تجري قاعدة التجاوز لصدق التجاوز عرفا فيه.
وذهب بعضهم إلى لزوم الدخول في جزء مستقلّ بالعنوان فلا بدّ من الدخول في أمر ذي عنوان مستقلّ يغاير عنوان المشكوك فيه ، وإليه ذهب الشهيد الثاني (٢)
__________________
(١) انظر الجواهر ١٢ : ٣١٢ ـ ٣١٦.
(٢) انظر المسالك ١ : ٢٩٣.