فهنا تجري قاعدة الفراغ والتجاوز ، سواء شرع في القراءة أم لا ، لأنّ الشكّ في صحّة السابق من العمل فيصدق : «كلّما شككت في شيء ممّا قد مضى» (١) فتجري قاعدة التجاوز ، لأنّ الشكّ في الصحّة ومناطه الفراغ من العمل كما قدّمنا ذلك.
وأمّا لو شكّ في أنّ تكبيره هل كان بقصد الإحرام أم لا؟ وهو النيّة بالمعنى الثاني فحيث إنّ النيّة بمعنى القصد أمر محقّق لنفس العمل ، وليس أمر معتبرا شرعا فيها كالقربة على ما اخترناه وكالموالاة بين الركوع والسجود ، فهنا الشكّ في القصد شكّ في نفس التكبير ، فإن شكّ وقد أحرز أنّه بقراءته قصد فريضة الظهر وفي أثنائها شكّ في قصد الظهر بالتكبير أم قصد مطلق الذكر ، فهنا تجري قاعدة التجاوز لصدق الشكّ في شيء ممّا قد مضى. أمّا لو شكّ فيما قصد بالتكبير وهو بعد لم يقرأ. أو قرأ وشكّ فيما قصد بالقراءة أيضا فهنا لا تجري قاعدة التجاوز ولا الفراغ ، لأنّ الشكّ بعد في التحقّق ولم يتجاوز محلّه لتجري القاعدة.
هذا ملخّص ما ينبغي أن يذكر في قاعدة الفراغ والتجاوز وهناك بقيّة نشير إليها فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
المسألة التاسعة : في أنّ قاعدة الفراغ هل تجري حيث يحتمل كون الفساد منشأه الترك العمدي أم لا تجري؟ مثلا إذا شكّ بعد الفراغ في أنّه أتى بالسورة في الصلاة أم لم يأت بها واحتمل أنّ تركها قد كان عمديّا على تقديره ، ربّما يقال بجريان قاعدة الفراغ استنادا إلى عموم قوله : «كلّما مضى من صلاتك وطهورك فامضه كما هو» (٢) وإلى إطلاق قوله : «إذا شككت في شيء ممّا قد مضى ...» (٣) فإنّ ترك السورة عمدا أمر قد مضى وشكّ فيه.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.
(٢) انظر الوسائل ١ : ٣٣١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٦.
(٣) انظر الوسائل ٥ : ٣٣٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، الحديث ٣.