ودعوى : كون الأثر المترتّب واحد وهو الطهارة ، وهو كاشف عن كون العمل أيضا واحدا لاستحالة صدور الواحد إلّا من الواحد.
يدفعها أوّلا : أنّه يقتضي أن لا تجري قاعدة الفراغ في عمل من الأعمال لوحدة الأثر المترتّب عليها ، وثانيا : أنّ وحدة الأثر كاشف عن الارتباط بين أجزاء العمل لا عن كونه واحدا.
فالظاهر أنّ الحقّ ـ كما اختاره صاحب الجواهر قدسسره ـ جريان قاعدة التجاوز في التيمّم والغسل ، لوجود العموم وعدم المخصّص فيها.
وأمّا الجهة الثانية : وهي أنّ عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء عامّ كان المشكوك فيه الوجود أو كان المشكوك فيه صحّة الموجود ، أو أنّ عدم الجريان في خصوص الشكّ في الوجود؟ قولان ، مال إلى الثاني صاحب الجواهر قدسسره بدعوى أنّ عموم قاعدة التجاوز محكّم لا يخرج عنه إلّا بالمخصّص ، والمخصّص إنّما ورد في الشكّ في الوجود ، كما إذا شكّ في غسل الوجه وهو في غسل اليد اليمنى ، أو شكّ في شيء مما سمّى الله وهو بعد لم يفرغ ، ولم يرد فيما لو علم أنّه غسل وجهه لكن شكّ في أنّ غسل الوجه كان من الأعلى إلى الأسفل أو كان من الأسفل إلى الأعلى فهنا عموم قاعدة التجاوز لا مخصّص له (١).
ولا يخفى ضعفه ، فإنّ الشكّ في الصحّة شكّ في وجود الصحيح ، فهو شكّ في شيء ممّا سمّى الله وشكّ في غسل الوجه المأمور به فيخرج بذلك المخصّص ولا يحتاج الى مخصّص آخر ، فظهر أنّ عدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء بموجب النصّ المخصّص محكّمة كان الشكّ في الوجود أم كان في الصحّة (*).
__________________
(١) انظر الجواهر ٢ : ٣٥٥ ـ ٣٥٧.
(*) لا يخفى على الناظر أنّ أغلب ما هو مذكور في هذه التقريرات إنّما هو على رأي أستاذنا في دورته السابقة من وحدة القاعدتين ، أمّا بناء على ما عدل إليه في هذه الدورة من تعدّد القاعدتين فقد قوّى ما ذكره صاحب الجواهر قدسسره من جريان قاعدة الفراغ في