في أصالة الصحّة
أصالة الصحّة (*) في الجملة ممّا لا ريب في حجّيتها عندنا إمّا للإجماع أو للسيرة أو غيرهما ، وإنّما يقع الكلام فيها في امور :
الأوّل : في مدركها ، ولا يخفى أنّ الصحّة بمعنى الحسن في قبال القبيح قد دلّت عليها من الأدلّة ما لا يحصى ، فمن الكتاب قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(١) فإنّها مفسّرة بحمل عملهم على الحسن ، وكذا قوله : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)(٢). ومن الأخبار قوله : «احمل فعل أخيك
__________________
ـ أجزاء الوضوء حيث يكون الشكّ في صحّته وفساده لا في وجوده وعدمه لعموم قوله : «كلّ شيء شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» فهو شامل للأجزاء كالكلّ.
وربّما يقال : إنّ موثّقة ابن أبي يعفور قيّدت قاعدة الفراغ في أجزاء الوضوء حيث قال فيها : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء» بناء على رجوع ضمير «غيره» إلى الوضوء.
وفيه أوّلا : أنّها مجملة لو لم ندّع ظهور رجوع ضمير غيره إلى الجزء المشكوك فيه ، وثانيا : أنّها في مقام بيان عدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ وأنّه قبل الفراغ محلّ للاعتناء في الجملة فلا إطلاق فيه من هذه الناحية ، وثالثا : أنّا لو سلّمنا الدلالة فهي بالإطلاق فالتعارض بينهما بالعموم من وجه ، ولا بدّ من تقديم قاعدة الفراغ لأنّ دلالتها بالعموم الوضعي بخلاف دلالة الموثّقة فإنّه بالإطلاق وكفى بالعموم بيانا فافهم.
(*) في هامش الصفحة ٢٤ من نسخة الأصل وردت هذه العبارة من دون إشارة إلى موضعها : وتقدّمها على استصحاب عدم ترتّب الأثر إمّا لأنّها مسبوقة باستصحاب عدم ترتّب الأثر في جميع مواردها. فلو قدّمت أصالة الفساد لم تبق مورد لأصالة الصحّة و....
(١) البقرة : ٨٣.
(٢) الحجرات : ١٢.