وبالجملة ، الحكم الظاهري والحكم الواقعي إن كان بينهما منافاة ـ من جهة كون الواقعي فعليّا من تمام الجهات ـ فلا يمكن اجتماعهما حتّى في الشبهة البدويّة والمقرونة بالعلم الإجمالي إذا كانت غير محصورة. وإن لم يكن بينهما منافاة أصلا ـ كما إذا كان الحكم الواقعي فعليّا من بعض الجهات ـ فلا مانع عن اجتماعهما.
[الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي]
والجواب موقوف على مقدّمة وهي عبارة عن بيان الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي فنقول : بعد أن كان الحكم هو عبارة عن الاعتبار النفسانيّ ـ يعني اعتبار كون العمل الفلاني على ذمّة المكلّف ـ فليس بين نفس الاعتبارين تمانع أصلا ، لأنّ الاعتبار سهل المئونة جدّا. (وكذا الكلام بناء على أنّ الحكم هو نفس الإنشاء وأنّه نوع من الوجود كما اختاره الآخوند (١) نفسه فإنّ الإنشاءين لا يتمانعان بأنفسهما) (٢) ، وإنّما التمانع بين الأحكام إنّما هو إمّا من جهة العلّة للحكم أو المعلول ، بيان ذلك : أنّ الأحكام باعتبار كونها معلولات للمصالح والمفاسد الواقعيّة فالمصالح والمفاسد علل لها ، وإذا كانت عللا فهي تكون منشأ لتضادّ الأحكام المعلولات ، لأنّ الوجوب معلول للمصلحة في الفعل والتحريم معلول لمفسدة في الفعل ، والمصلحة والمفسدة متضادّان.
وأمّا من جهة المعلول للحكم وهو الانبعاث والانزجار فإنّهما معلولان للخطابين ، وحيث إنّهما متضادّان فتكون عللهما وهي الأحكام متضادّة أيضا. وبعبارة اخرى أنّ مرتبة الامتثال مرتبة الانبعاث والانزجار ، فإنّ البعث نحو الشيء ينافي الترخيص في تركه مثلا.
__________________
(١) الكفاية : ٣٢١ ـ ٣٢٢
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.