وبالجملة ، فالحكومة بأقسامها خارجة عن مبحث التعارض سواء كان خروجها بخروج الموضوع أو المحمول أو لم يكن بخروج شيء منهما ، وجامعه كونه ناظرا إلى الدليل الثاني المجعول.
وكذا لا تعارض بين العامّ والخاصّ ، لأنّ العموم إنّما كان حجّة بواسطة أصالة الظهور الثابتة ببناء العقلاء ، ومعلوم أنّ الخاصّ المتّصل لا يبقي للعموم ظهورا في العموم ، وكذا في المنفصل أيضا لعدم جريان بناء العقلاء على كون الظهور مرادا جدّيا حيث يقترن بالقرينة المنفصلة ، ضرورة أنّ الظهور إنّما يثبت المراد ببناء العقلاء الكاشف عن كون الكلام مطابقا للمراد ، ومعلوم أنّهم لم يستقرّ بناؤهم حيث تكون ثمّة قرينة منفصلة مخصّصة للعموم. فالتخصيص خارج عن موارد التعارض ، سواء جعلناه تنافي مدلولي الدليلين بنحو التناقض أو التضادّ بالذات أو العرض أو جعلناه تنافي الدليلين ، ضرورة أنّه حينئذ لا دلالة للعامّ على العموم ليقع التنافي في المتّصل كما لا دلالة على كون العموم مرادا في المنفصل فلا تنافي أصلا.
كما ظهر أنّ الخاصّ ليس تقدّمه على العموم من جهة أظهريّته منه ، بل لو كان في أدنى مراتب الظهور وكان العامّ في أعلى مراتبه كان الخاصّ مقدّما ، لأنّه يرفع موضوع الحجّية وجدانا في القرينة القطعيّة وتعبّدا في القرينة الظنيّة الّتي هي ثابتة الحجّية شرعا ، فالخاصّ وارد أو حاكم على دليل حجّية الظهور.
فتلخّص أنّ جميع موارد الجمع العرفي من الورود والحكومة والتخصيص والتقييد كلّها خارجة عن مفهوم تعارض الدليلين كلّية ، فافهم وتأمّل.
الجهة الثانية : في الفرق بين التزاحم والتعارض ، قد يطلق التزاحم على تزاحم الملاكات ، كما إذا كان عمل واحد ذا جهتين : من إحداهما فيه ملاك يقتضي الأمر به ، ومن الاخرى له ملاك يقتضي النهي عنه أو يقتضي كونه مباحا مثلا إباحة ناشئة من المقتضي لا من جهة عدم مقتضي الآخر. ومثل هذا التزاحم لا معنى للكلام فيه ، لأنّ العمل على طبق الملاكات إنّما هو شأن المولى الحكيم فيأمر حيث يقتضي الملاك الأمر