وعشرين من الإبل وبعد مضيّ ستة أشهر يعني في رجب ملك واحدا فصارت ستّة وعشرين فإذا مضت ستّة أشهر اخرى وجاء المحرّم وجب أن يخرج زكاته خمس شياه ، ثمّ إذا جاء رجب الثاني فبموجب الدليل أنّه يجب عليه أن يخرج بنت مخاض ، لأنّه يصدق أنّه حال عليه الحول وعنده ستّة وعشرون فعليه بنت مخاض ، وحيث إنّا نعلم أنّ المال المزكّى لا يزكّى مرّة ثانية في حول واحد فيقع التزاحم بين الخطابين (١).
وفيه : أنّه ليس من التزاحم في شيء وإنّما هو التعارض والتنافي يكون بين نفس الجعلين ، فالتكاذب فيه عرض من جهة العلم بعدم وجوب تزكية المال مرّتين لعام واحد ، ولا أدري أنّه ما حداه إلى جعله من باب التزاحم ، وهل هو إلّا كوجوب الظهر والجمعة مع العلم بعدم وجوب صلاتين في يوم واحد؟ فالتنافي بين هذين الدليلين بالنسبة إلى هذا المال عرضي لا ذاتي.
الجهة الثالثة : أنّه ما هو الأصل في المتعارضين وما هو الأصل في المتزاحمين؟ مقتضى الأصل في المتزاحمين هو الرجوع إلى ما هو أكثر مصلحة وأقوى ملاكا وعلى تقدير التساوي فالتخيير ، وسيأتي الكلام فيه مفصّلا ، وأمّا المتعارضان فثمرة هذا البحث الرجوع في غير موارد النصّ إلى مقتضى الأصل ، وأمّا مورد النصّ فيرجع فيه إليه ، فالخبران المتعارضان يرجع فيهما إلى المرجّحات ومع عدمها فالتخيير ، وأمّا غير الخبرين فالمرجع فيه هو الأصل المؤسّس ، فنقول : الأصل في المتعارضين التساقط لعدم إمكان ترجيح أحدهما على الآخر ، لأنّه ترجيح من غير مرجّح ولا يمكن أن يتناولهما دليل الجعل ، لأنّه يؤدّي إلى جعل الضدّين حجّة وهو محال فهما متساقطان.
وربّما يقال : إنّ مقتضى الأصل في المتعارضين التخيير ، لأنّ المانع من شمول دليل الحجّية لهما هو لزوم التعبّد بالمتناقضين ، وهو منفيّ فيما إذا قيّد التعبّد
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٧٨.