كما أصرّ عليه الميرزا قدسسره (١) أم لا يتقدّم عليه ، لأنّ كلّا منهما بالإطلاق ومقدّمات الحكمة؟ استدلّ الميرزا قدسسره على تقديم الإطلاق الشمولي بوجوه :
الأوّل : أنّ في تقديمه على البدلي تضييقا لدائرة الامتثال في الثاني ، بخلاف ما لو قدّمنا البدلي فإنّ فيه إخراجا عن الحكم لكثير من الأفراد فيتقدّم الإطلاق الشمولي لذلك.
توضيحه : أنّ الإطلاق الشمولي ينحلّ إلى أحكام بعدد الأفراد بخلاف البدلي فإنّه ليس فيه إلّا حكم واحد على البدل ، بمعنى أنّه مرخّص في تطبيقه في مقام الامتثال على أفراد الطبيعة.
وفيه أوّلا : أنّ هذا لا يجدي مرجّحا فإنّ كلّا منهما خلاف الظاهر ، ولا قرينيّة لأحدهما على الآخر عرفا ، فلا دليل على ترجيح أحدهما على الآخر.
وثانيا : أنّه إخراج على كلا التقريرين ، وليس أحدهما تضييقا في مرتبة تطبيق الامتثال الّذي هو حكم العقل ، بل في كليهما مخالفة للدلالة الشرعيّة ، فإنّ في الإطلاق البدلي حكمين : أحدهما مدلوله المطابقي وهو وجوب إكرام عالم ، الثاني الترخيص في تطبيقه على من شاء ، ففي تضييق الدائرة حينئذ نفي للترخيص الشمولي وإخراج لأفراده ، غايته أنّ التضييق تضييق هنا في الحكم الترخيصي وهناك في الحكم الإلزامي.
الثاني : أنّ الإطلاق الشمولي مثل : لا تكرم فاسقا ، باعتبار كونه انحلاليّا إلى الأفراد فتساوي الأفراد في الحكم مدلول له ، وإن احتمل اختلافها في الحرمة شدّة وضعفا كما في المتجاهر وغيره مثلا ، وهذا بخلاف الإطلاق البدلي فإنّ تساوي الأفراد فيه غير محرز فلا بدّ من إضافة مقدّمة اخرى إلى مقدّمات الحكمة لإثبات التساوي وعدم بيان التفاوت بين الأفراد ، والإطلاق الشمولي يمنع عدم البيان في المطلق فلا إطلاق ، فيتقدّم الشمولي لكونه بيانا له ويقيد الإطلاق البدلي.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٢٩٣.