ليس قبيحا ذاتيّا غير قابل للتخصيص ، بل يجوز تخصيصه فيما كان مصلحة في تأخير البيان عنه أو مفسدة في البيان المقارن ، على أنّ محل الكلام قد تقدّم فيه البيان والقرينة وهو الخاصّ فلا يكون للعام ظهور في العموم لسبق المخصّص ، فافهم وتأمّل فإنّه نافع جدّا.
وبالجملة ، فقد ظهر أنّ موارد القرينة وذي القرينة ـ سواء كان عموما وخصوصا أو إطلاقا وتقييدا أو حقيقة ومجازا ـ خارجة عن موضوع بحث التعارض ، فما يأتي إن شاء الله تعالى من بيان حكم المتعارضين لا يشملها أصلا ، والتعارض فيها بدوي زائل بأدنى رجوع إلى العرف.
[انقلاب النسبة]
هذا كلّه في تصوير المعارض إذا كان واحدا ، وأمّا إذا كان المعارض أكثر من واحد بنحو يكون المتعارضات ثلاثة أو أكثر فهل تنقلب النسبة ـ بمعنى ملاحظة أحدهما مع الثاني والنسبة وما تقتضيه تلك النسبة من تقديم أيّهما ثمّ تنسب النتيجة إلى الثالث ـ أو إنّه يلاحظ بالنسبة إلى كليهما وهو على حاله من دون ملاحظة النسبة بين الأوّلين؟ ذهب الآخوند قدسسره في الكفاية إلى الأخير (١).
بدعوى أنّ مناط التقديم هو الظهور ووجود المعارض الأوّل لا يرفع الظهور ، فتلاحظ النسبة بينه وبين المعارض الثاني كما تلاحظ بينه وبين المعارض الأوّل.
ولنقدّم قبل الخوض في هذا المبحث مقدّمة عليها يبتني القول بانقلاب النسبة وعدمه وهي : أنّ التلفّظ باللفظ له دلالات ثلاثة بعضها مترتّب على بعض :
الاولى : الدلالة المسمّاة بالتصوّرية باصطلاح القوم وبالانسيّة باصطلاحنا ، وهي سبق المعنى إلى ذهن ذلك السامع لهذا اللفظ لانس ذهنه بهذا المعنى من هذا اللفظ ،
__________________
(١) انظر كفاية الاصول : ٥١٥ ـ ٥١٦.