وإن ورد مخصّص لكلا العامّين المتباينين ، كما إذا ورد أنّه لا بدّ من التعدّد في غسل النجس ، وورد مخصّص له بأنّه لا يعتبر التعدد في الجاري ، وورد عامّ آخر يدلّ على عدم اعتبار التعدّد وخصّص بخصوص القليل فتقع المعارضة في الكرّ ، فأحدهما يعتبر التعدّد في الغسل فيه والآخر ينفيه ، فيرجع حينئذ إلى ما تقتضيه القاعدة المسطورة الآتية إن شاء الله تعالى ، فافهم. هذا تمام الكلام في صور المعارضة بين أكثر من دليلين ، وهناك صور أخرى يظهر حكمها ممّا تقدّم.
[مرجّحات باب التعارض]
فلنتكلّم الآن في مرجّحات باب التعارض ونقدّم مرجّحات التعارض بنحو التباين على مرجّحات التعارض بنحو العموم من وجه فنقول وبالله الاستعانة :
إنّ الدليلين المتعارضين بنحو التباين مثل : «بيع العذرة سحت» (١). و : «لا بأس ببيع العذرة» (٢).
قد يكونان مقطوعي الصدور كما إذا كانا متواترين مثلا فلا ريب في أنّ التعارض يكون بين ظهوريهما ، ضرورة أنّه يستحيل أن يراد كلا الظهورين لفرض أنّ إرادة ظهور أحدهما تنفي إرادة ظهور الآخر ، فيكون التعارض بين الظهورين فيسقط الظهوران عن الحجّية.
وقد يكون أحد المتعارضين مقطوع الصدور والآخر مظنونه كما إذا كان أحدهما متواترا والآخر خبر واحد موثّق ، فمقتضى القاعدة أنّه يقع التعارض بين سند غير المتواتر وظهور المتواتر فيسقطان عن الحجّية ، ولكن هناك أخبارا تقتضي الأخذ بما هو موافق للسنّة القطعيّة وطرح الآخر فيؤخذ المتواتر حينئذ بموجبها ويطرح الآخر.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ١٢٦ ، الباب ٤٠ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.
(٢) الوسائل ١٢ : ١٢٦ ، الباب ٤٠ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.