وأمّا ما ذكره في لفظ «بعينه» فهو مع أنّه خلاف الظاهر منها أنّ في الأخبار ما لا يمكن حمله على ما ذكره ، وهو قوله : «حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» (١) فإنّ المقام ممّا لا يمكن فيه إجراء ما زعمه في اللسان الأوّل من الخبر ، (لأنّ قوله : «حتّى تعرف أنّه حرام» يمكن فيها أن يكون ضمير «أنّه» للشأن فيكون المعنى حتّى تعرف حرمته إلّا أنّ هذا اللسان الثاني قد اشتمل أوّلا على لفظ «الحرام» الّذي هو اسم لذات الحرام مع اتباعه بلفظ «بعينه» ثانيا ، وبلفظ «فتدعه» ثالثا الظاهر في تشخيصه فيتركه. ثمّ لو فرض إجمال ما اشتمل على الذيل من الأخبار ففي الخالي عن الذيل منها كفاية ، فإنّ إجمال أحد الدليلين لا يرفع ظهور الآخر) (٢) ، فافهم.
وبالجملة ، فلو لم يكن مانع في مقام الثبوت عن جريان الاصول في أطراف العلم الإجمالي لا يكون في مقام الإثبات مانع أيضا ، لظهور الأخبار ذيلا في العلم التفصيلي فقط فافهم ، وتأمّل.
في الاكتفاء بالامتثال الإجمالي عن التفصيلي وعدمه
والكلام يقع تارة فيما لا يمكن فيه الامتثال التفصيلي أصلا وهنا لا إشكال في كفاية الامتثال الإجمالي مطلقا لعدم القدرة على غيره ، واخرى فيما يمكن فيه كلا النحوين من الامتثال بمعنى أنّه يمكن الامتثال الإجمالي ويمكن الامتثال التفصيلي فنقول : أمّا في التوصّليّات فلا إشكال في كفاية الامتثال الإجمالي حتّى مع التمكّن من الامتثال التفصيليّ سواء كان الامتثال الإجمالي مستدعيا للتكرار أم لا ، لأنّ المقصود من التوصّليّات صرف حصولها خارجا. وكذا الكلام بالنسبة إلى الامور الوضعيّة المترتّبة.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.