ولا يخفى ما فيه أيضا ، فإنّه من المحتمل الممكن أن يكون موافق العامّة هو الصادر لبيان حكم الله الواقعي ، ضرورة أنّ أحكام العامّة ليس كلّها مخالفة للواقع.
وذكر الميرزا قدسسره أنّ المرجّح الأوّل هو المرجّح السندي من الشهرة وصفات الراوي ثمّ المرجّح الجهتي ثمّ موافقة الكتاب زاعما أنّ الرواية أوّلا يلزم أن يحرز صدورها ثمّ يحرز وجه الصدور (١).
ولا يخفى أنّ ما ذكره الميرزا متين لكنّه اجتهاد في مقابلة النصّ ، فإنّ الترجيح يلزم أن يكون بالنحو الوارد عن الأئمّة سلام الله عليهم ، وقد وصفوا لنا طريقة خاصّة ، فالتعدّي عنها بالوجوه الاستحسانيّة اجتهاد في مقابلة النصوص ، فلا يعتنى بها ، فافهم.
في التعدّي عن المنصوص من المرجّحات وعدمه وحجّة الطرفين
قد ذكرنا أنّ الروايتين المتعارضتين بنحو التباين يؤخذ بالمشهور الّذي لا ريب فيه ويطرح ما فيه الريب ، ومع فرض التساوي فيؤخذ بما وافق الكتاب ، وعلى تقدير التساوي يؤخذ بما خالف العامّة ، فلو فرض التساوي أيضا بمخالفتهم أو موافقتهم فهل الحكم هو التخيير أو الحكم هو التعدّي إلى بقيّة المرجّحات؟ الظاهر هو الأوّل (*) ، فإنّ إطلاقات التخيير محكّمة ولا مقيّد لها بحسب الأخبار. ولو تعدّينا إلى مطلق المرجّحات لم يبق لها مورد إلّا الشاذّ النادر.
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٧٨١.
(*) كتب المقرّر هذه التعليقة في أوراق مفردة وذكر أنّ موضعها هنا : لا يخفى أن أستاذنا آية الله الخوئي قد اختار في دورته السابقة المنتهية في أواخر سنة (١٣٦٩ ه) أنه يرجع إلى التخيير بعد فقد المرجّحات المنصوصة من الشهرة فموافقة الكتاب فمخالفة العامة استنادا إلى الروايات الدالة على ذلك اعتمادا على أن استناد المشهور إليها جابر لضعف سندها. إلّا أنه في هذه الدورة المنتهية عام (١٣٧٥ ه) حيث بنى على ان استناد المشهور لا يكون جابرا ـ