وربّما يقال بالإشكال في الامور الوضعيّة الموقوفة على إنشاء صيغة بأنّ قصد الإنشاء يفقد حيث لا يعلم المأمور به تفصيلا ، واعتبار قصد الإنشاء ممّا لا بدّ منه في وقوع العقد صحيحا.
والجواب : أنّ ما ذكر غير صحيح ، لأنّ الإنشاء سهل المئونة وقصده موجود ويمكن إيجاده في نفس المنشئ حيث شاء سواء كان المنشأ المطلوب إنشاؤه معلوم تفصيلا أنّه كذا بعينه أم أنّه أحد الإنشاءين فافهم.
هذا كلّه في التوصّليّات.
أمّا في العبادات فمع عدم التمكّن من الامتثال التفصيلي أو عدم تنجّزه كما في الشبهة الموضوعيّة لا ريب في حسن الاحتياط ، وأمّا مع التمكّن من العلم التفصيلي بالواجب وتنجّزه عليه فهل يكون الامتثال الإجمالي مع التمكّن من الامتثال التفصيلي مجزئا ويكون الاحتياط حسنا أم لا يكون مجزئا ولا يكون الاحتياط حسنا إلّا حيث لا يمكن الامتثال التفصيلي؟ والكلام يقع في موردين :
الأوّل : فيما لا يكون الامتثال الإجمالي والاحتياط محتاجا إلى التكرار.
الثاني : فيما يكون محتاجا إلى التكرار وكلّ منهما تارة يكون الأمر محرزا بأصل العمل والشكّ في كيفيّة الأمر به وأنّه هل هو إلزامي أم لا؟ واخرى يكون الشكّ في أصل الأمر به.
[في الاحتياط الغير الموجب للتكرار في العبادة]
والكلام يقع الآن في الأوّل ، وهو ما لا يحتاج إلى تكرار ويكون الشكّ الموجب للاحتياط احتمال كون الأمر إلزاميّا ، وذلك مثلا لو شكّ في أنّ الصلاة المأمور بها قطعا عند رؤية الهلال هل هي واجبة أم مستحبّة ، فمع إمكان الرجوع إلى الدليل ومعرفة وجوبها أو استحبابها تفصيلا هل يجوز ترك ذلك والإتيان بها رجاء؟ لا ريب في جواز ذلك ، إذ لا وجه للاستشكال فيها إلّا احتمال اعتبار قصد الوجه