ثمّ إنّه لا ينبغي الريب في حجّية هذا الاجتهاد بالإضافة إلى هذا المتجزّئ ، فإنّه لا يجوز له التقليد في المسائل الّتي اجتهد فيها خصوصا إذا كان يرى خطأ المقلّد فيما يرتئيه ؛ فإنّ أدلّة التقليد قاصرة عن شموله وليس من رجوع الجاهل إلى العالم أصلا.
وأمّا جواز تقليده ونفوذ حكمه ، فلو كان الدليل للتقليد هو بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم لجاز بل لوجب تقليده ، فإنّ العقلاء يبنون على تقديم الطبيب المختصّ على الطبيب المطلق ، فالمختصّ بآلام العين مثلا يقدّمه المصاب بألم العين على الطبيب المطلق ، فكذا المقام فإنّ المتجزّي إذا فرض أعلم من المطلق في المسائل العقليّة مثلا لتعين تقليده.
ولكنّ الدليل ليس ذلك فقط بل الآيات والروايات وهي قد اعتبرت أن يكون ناظرا في حديثهم وحلالهم وحرامهم وأن يصدق عليه أنّه عارف بأحكامهم فلا بدّ أن يكون مستنبطا لمقدار يصدق عليه ذلك ، وذلك لا يكون إلّا باستنباط معظم الفقه أو القدرة على ذلك.
نعم ، لو كان المتجزّي بمرتبة يصدق عليه هذا العنوان ، كما إذا لم يجتهد في خصوص مسألة اجتماع الأمر والنهي واجتهد فيما عداها يجوز تقليده قطعا ، لصدق كونه عارفا بأحكامهم ، ولصدق كونه من أهل الذكر وكونه متفقّها وغير ذلك. وإذا جاز تقليده نفد حكمه لوحدة موضوعهما كما تقدّم.
في مبادئ الاجتهاد
يتوقّف الاجتهاد على مبادئ :
منها : العلم باللغة ، فإنّ غير العالم باللغة العربيّة لا يستطيع استنباط الأحكام من الكتاب والسنّة ، لأنّها عربيّة ، نعم يستطيع استنباط المسائل العقليّة لكنّها لا تجدي شيئا مثل استحالة اجتماع الأمر والنهي فإنّها موقوفة على العلم بالأمر أو النهي وهو أيضا موقوف على اللغة أيضا.