أمّا في الأوّل فلانكشاف الخلاف وبطلان العمل السابق فلا بدّ من إعادته ، وأمّا الإجزاء في الثانية فلأنّ الحكم الظاهري الّذي عمل على طبقه لم ينكشف خطأه ، بل تبدّل موضوعه ، مثلا إذا كان قد عمل بعموم لعدم وجدان المفتي لمخصّصه مدّة عشرين سنة ثمّ وجد المخصّص بعد ذلك فحيث إنّ الحجّية قائمة بالحجّة الواصلة ولم يكن المخصّص واصلا والآن وصل فقد تبدّل الموضوع ، فالعمل السابق صحيح كالثاني الواجد لموضوعه المتبدّل ، فترجيح أحدهما على الآخر ترجيح من غير مرجّح إذا الحكم متبدّل لتبدّل موضوعه.
وأنت خبير بعدم تماميّته ، لأنّ الاجتهاد السابق وإن كان حجّة حدوثا إلّا أنّه ليس بحجّة بقاء ، إذ أنّه فعلا بمقتضى الاجتهاد الفعلي محكوم ببطلان العمل السابق وفساده ، فهو تارك للعمل الصحيح بغير حجّة فعليّة. ومنه يعلم أنّ مقتضى القاعدة لزوم الإعادة أو القضاء للعمل السابق.
في التقليد وأحكامه
قد اختلفت كلمات القوم في حقيقة التقليد وماهيّته ، فقيل ـ كما في الكفاية ـ : هو أخذ قول الغير ورأيه للعمل به في الفرعيّات وللالتزام به في الاعتقاديّات تعبّدا بلا مطالبة دليل على رأيه (١). وقيل : هو أخذ الرسالة للعمل وان لم يعلم بما فيها (٢). وقيل : هو الالتزام بتطبيق أعماله على فتاوى الغير (٣). وقيل : هو الاستناد في العمل إلى فتوى الغير (٤).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٣٩.
(٢) انظر الفصول : ٤١١.
(٣) راجع رسالة التقليد للشيخ الأنصاري : ١٣.
(٤) انظر المعالم : ٢٤٢.