وهو فاسد إذ باب العلم منفتح بحجّية الظواهر مطلقا حتّى لمن لم يقصد إفهامه ، وخبر الثقة حجّة وافية بمعظم الأحكام. ولو سلّم الانسداد فخصوصيّة هذا الظنّ لا معيّن له. ومبنى الأخباريّين الرجوع إلى الميّت بما أنّه راو للحديث ولا يعتبر فيه الحياة ، فهم يمنعون من جواز التقليد كلّية) (١).
وفصّل بعض الأصحاب الأخر بين الابتداء فالمنع والاستمرار فالجواز (٢).
والكلام يقع في موردين :
الأوّل : أن لا يعلم اختلاف بين الميّت والحيّ الموجود في الفتوى.
الثاني : أن يعلم الاختلاف بينهما.
أمّا الكلام في الأوّل فنقول : استدلّ القائلون بجواز تقليد الميّت مطلقا بالاستصحاب ، فإنّ الحجّية الّتي كانت ثابتة لقوله حال حياته ـ بأيّ معنى فسّرت الحجّية من جعل التنجيز والإعذار أو جعل الوسطية في الإثبات والطريقيّة ـ فهي ثابتة لقوله حال حياته قطعا ونشكّ في ارتفاعها بالموت.
أمّا كونها متيقّنة فلا ريب فيه.
وما يقال : من أنّها لم يعلم حجّيتها بالنسبة إلينا ، إذ المعلوم كونها حجّة بالنسبة إلى أهل زمانه ، فاسد إذ لا مدخليّة لأهل زمانه في ذلك ، إذ لو كنّا نحن موجودين في ذلك الزمان لكان حجّة في حقّنا قطعا ولا خصوصيّة لهؤلاء أصلا.
مضافا إلى عدم ورود هذه الشبهة في التقليد الاستمراري بل وبعض أفراد الابتدائي ، وهو المدرك للزمانين ولم يقلّده ، فإنّ هؤلاء قد كان حجّة في حقّهم قطعا.
وأمّا كونها مشكوكة فلا ريب فيه أيضا ، إذ المفروض الشكّ في جواز تقليده وعدمه.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) مثل السيّد في العروة في التقليد المسألة ٢٢ وغيره من المعاصرين.