وإمّا أن يكون المانع من الاحتياط في هذا القسم ما ذكره النائيني قدسسره (١) في العبادة المستقلّة من زعمه أنّ الإطاعة القطعيّة مقدّمة على الإطاعة الاحتماليّة لحكم العقل بتقديم الاولى على الثانية لا أقلّ من الشكّ ، ولا بدّ من الإتيان بكلّ ما يشكّ فيه في المقام ، لأنّه شكّ في الإطاعة الّتي هي حكم عقلي وليست حكما شرعيّا حتّى ينتفي بالبراءة. لكنّ الميرزا النائيني نفسه قد ادّعى جواز الاحتياط هنا لأنّ الامتثال بالعمل المركّب قطعي وإن كان الأجزاء مشكوكا فيها والإطاعة بالنسبة إليها احتماليّة.
ولا يخفى أنّا لو قلنا بمقالته ـ من لزوم الموافقة القطعيّة في القسم الثاني من الاحتياط في العبادات المستقلّة ـ لقلنا في المقام بذلك أيضا ، لأنّ السائل لو سئل ما دعاك إلى التكبير؟ لقال : أمر المولى ، ولو سئل ما دعاك إلى القراءة؟ لقال : أمر المولى. أمّا لو قيل له : ما دعاك إلى قراءة السورة؟ يبقى متحيّرا ، فلا يجيب إلّا بقوله : احتمال أمر المولى. فإذا فرض أنّ العقل يحكم بأنّ الإطاعة الاحتماليّة في طول الإطاعة القطعيّة لم يكن وجه للاكتفاء بالاحتمال مع القدرة على القطع بالفحص ، فافهم وتأمّل أن لا فرق بين المقامين ، وحيث قلنا بجواز الاحتياط في العبادة المستقلّة لأنّ العقل لا يشكّ في كون الامتثال الإجمالي في عرض الامتثال التفصيلي فنقول في المقام بجواز الاحتياط أيضا.
في الاحتياط الموجب للتكرار في العبادة
والكلام تارة فيما يوجب تكرار العبادة النفسيّة ، واخرى فيما يوجب تكرار العبادة الضمنيّة. أمّا الكلام في الاولى فقد ذكروا وجوها لبطلان الاحتياط المستوجب للتكرار في العبادة مع التمكّن من الامتثال التفصيلي بالفحص :
__________________
(١) انظر الفوائد ٣ : ٧٣.