في إمكان حجّية الظنّ واستحالتها
وقبل الخوض في ذلك نذكر المراد من الإمكان ، وأنّه الإمكان الذاتي وتقابله الاستحالة الذاتيّة أو الإمكان الوقوعي؟ الظاهر أنّ المراد من الإمكان الإمكان الوقوعي ، لأنّ القائل بالاستحالة ادعى أنّه يلزم من حجّية الظنّ لوازم فاسدة لا أنّ حجّية الظنّ ممتنعة ذاتا بمعنى أنّ تصوّر العقل لها يحيلها كاجتماع النقيضين.
ثمّ إنّا قبل ذكر حجّة المانع نتكلّم في مقتضى القاعدة وأنّها الإمكان أو الامتناع ، زعم الشيخ الأنصاري قدسسره أنّ القاعدة الأوّليّة تقتضي الإمكان لا الاستحالة (١) لبناء العقلاء على الإمكان حتّى يثبت الاستحالة وسيرتهم على ذلك قائمة.
وقد أورد عليه الآخوند قدسسره والميرزا النائيني قدسسره بإيرادات.
أمّا إيرادات الآخوند قدسسره فأوّلا : إنكار بناء من العقلاء على إمكان شيء بمجرّد عدم علمهم باستحالته.
وثانيا : ما فائدة هذا البناء منهم لو سلّم مع عدم العلم بإمضاء الشارع له؟ نعم هناك ظنّ بإمضائه حيث لم يردع الشارع عنه بحسب ما وصل إلينا وهو يوجب الظنّ بالإمضاء والكلام بعد في حجّية الظنّ.
وثالثا : أن لا فائدة في الإمكان ما لم يبلغ الوقوع لعدم ترتّب أثر عملي عليه ومع الوقوع لا فائدة في البحث عن الإمكان (٢).
وأمّا إيراد الميرزا النائيني قدسسره فهو أنّ بناء العقلاء على إمكان الشيء قبل ثبوت استحالته مسلّم إلّا أنّه في الممكنات التكوينيّة والكلام مع ابن قبة في الإمكان التشريعي وأحدهما غير الآخر فلا يكون بناء العقلاء مجديا في المقام أصلا (٣).
__________________
(١) انظر فرائد الاصول ١ : ١٠٥ ـ ١٠٦.
(٢) انظر الكفاية : ٣١٧ ـ ٣١٨.
(٣) انظر الفوائد ٣ : ٨٨.