ـ وهي صورة الانفتاح وفرض كون الوصول إلى الحكم الواقعي فعليّا لا ممكنا فقط وكان أكثر موافقة من اتّباع الظنّ ـ لم يضرّنا ذلك ، لأنّ الموارد الشرعيّة لم يعلم أنّها من هذا القبيل أي من قبيل ما رخّص فيه الشارع مع فرض الانفتاح والوصول الفعلي وأغلبيّة مطابقة العلم من الأمارة المجعولة ، هذا كلّه بناء على جعل الأمارات من باب الطريقيّة والكاشفيّة.
وأمّا بناء على جعلها من باب السببيّة فلا يرد إيراد ابن قبة أصلا ، (وإنّا وإن لم نوافق على كون هذه الأمارات حجّة من باب السببيّة إلّا أنّ إمكان ذلك كاف في إثبات إمكان حجّية الظنّ وهو المطلوب) (١) ، أمّا على السببيّة الأشعريّة ـ وهي عدم ثبوت أحكام واقعيّة بل الأحكام تابعة لمؤدّيات الطرق ـ فواضح ، لعدم الحكم الواقعي حتّى يستتبعه المصالح والمفاسد بل المصالح والمفاسد تابعة لمؤديات الطرق. ولكن هذه السببيّة باطلة عندنا إمّا للدور كما ذكره العلّامة قدسسره (٢) وهو أنّ الأمارة طريق للواقع فإذا فرض أنّ الواقع يتكوّن بها فيلزم وجوده قبلها بمقتضى طريقيّتها له والمفروض أنّه موجود بعدها ، وإمّا للإجماع على بطلانه ، وإمّا للأخبار (٣) الدالّة على وجود أحكام واقعيّة يشترك فيها العالم والجاهل والملتفت والغافل.
وأمّا على سببيّة المعتزليّة ـ وهي ثبوت أحكام واقعيّة إلّا أنّ قيام الأمارة يكون مانعا عن استمرارها وبقائها فتمحى أو تثبت مكانها مؤدّيات الطرق ـ فعدم ورود إيراد ابن قبة أيضا واضح ، لعدم ثبوت حكم واقعي عند قيام الأمارة حتّى تكون الأمارة مفوّتة لمصلحته. ولكن هذه السببيّة أيضا باطلة بالإجماع وإطلاق أخبار الاشتراك لما بعد قيام الأمارة.
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) انظر نهاية الاصول : ٤٣٥ (مخطوط).
(٣) انظر الكافي ١ : ٤٠ ، باب سؤال العالم وتذاكره وص : ٥٨ ، الحديث ١٩ وص : ٥٩ ، الحديث ٢ وص : ١٩٩ ، الحديث ١ ، والبحار ١ : ١٧٩ ، الحديث ٦١.