وأمّا على السببيّة الإماميّة وهي الالتزام بالمصلحة السلوكيّة (١) وذلك بأن يقال : إنّ قيام الأمارة لا يحدث مصلحة في المؤدّى ولكن سلوك هذه الأمارة قد يكون بمقدار ساعة وقد يكون بمقدار عشر ساعات وقد يكون إلى آخر العمر ، مثلا من قامت عنده الأمارة على وجوب صلاة الجمعة مثلا فيستند في إتيان صلاة الجمعة إلى تلك الأمارة فلا يصلّي صلاة الظهر ولا يقضيها خارج الوقت أيضا استنادا إليها ، وحينئذ فلو انكشف له خطاؤها فهي بمقدار ما استند فوات المصلحة إليها فسلوكها يتداركه ، مثلا لو صلّى أوّل الوقت صلاة الجمعة وبعد ساعتين انكشف له خطأ تلك الأمارة ، فما فاته وهو مصلحة أوّل الوقت يتدارك بالسلوك والاستناد ، وما لم يفته من إتيان الظهر يجب عليه أداؤه ، ولو انكشف خطأ الأمارة بعد خروج الوقت فما فات وهو مصلحة الوقت تتدارك بطول السلوك ، وما لم يفت وهو مصلحة القضاء يأتي به ، ولو لم ينكشف له حتّى مات فالسلوك هنا واف بتمام المصلحة ، وحينئذ فأين لزوم تفويت المصالح الملزمة أو الإلقاء في المفاسد الّتي يلزم تركها؟ (ولا يخفى أنّه لو كان سلوك الأمارة في ظرف الجهل بالواقع متداركا لما فات من مصالح بمقدار ما فات زمن السلوك للزم انقلاب الواقع من التعيين إلى التخيير بين هذين الشيئين وهما صلاة الظهر وسلوك الأمارة ولم يكن وجه لتعيينه بالظهر فتعيينه بالظهر لا يستقيم مع هذه المصلحة السلوكيّة ، فالإنصاف أنّها أيضا ممتنعة إمكانا فهي غير ممكنة كسابقتها للزوم انقلاب الواقع أيضا من التعيين إلى التخيير) (٢) ، هذا تمام الكلام في [الإشكال] الأوّل من تحليل إشكال ابن قبة.
__________________
(١) انظر في التصويب والتخطئة نهاية الاصول : ٤٣٦ ـ ٤٣٩ ، والفصول : ٤٠٦ ـ ٤٠٧ ، والفرائد ١ : ١١٢ ـ ١١٣.
(٢) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.