من الزوائد ـ أنّ موارد الأحكام الظاهريّة الّتي اشكل عليها بما ذكر ابن قبة من اجتماع الضدّين لا تعدو موارد ثلاثة :
الأوّل : موارد الأمارات والطرق المخالفة للحكم الواقعي.
الثاني : ما اخذ الشكّ في موضوعه إلّا أن له نظرا إلى الواقع ، وهو المعبّر عنه بالاصول التنزيليّة كالاستصحاب وقاعدتي التجاوز والفراغ وغيرها مع مخالفتها للواقع.
الثالث : الاصول المحضة وهي ما اخذ الشكّ في موضوعها وكانت مبيّنة للعمل في ظرف الشكّ مع قطع النظر عن الواقع.
فأمّا القسم الأوّل فإنّما يتوجّه إشكال ابن قبة إذا قلنا إنّ الحكم الظاهري عبارة عن وجوب اتّباع الأمارة الظنيّة تكليفا ، وأمّا إذا قلنا بأنّ الحكم الظاهري عبارة عن جعل الحجّية الّتي هي أمر وضعي ولا يحتاج إلى أمر تكليفي يكون هذا الأمر الوضعي منتزعا عنه خلافا للشيخ الأنصاري حيث زعم إنّ الأحكام الصادرة من المولى يلزم أن تكون تكليفيّة ومنها ينتزع الأحكام الوضعيّة (١) بل المجعول كما قد يكون حكما تكليفيّا كذلك قد يكون حكما وضعيّا من غير حاجة إلى تكليف ينتزع منه الحكم الوضعي.
وحينئذ فالمجعول في الأمارات هو صفة المحرزيّة والوسطيّة في الإثبات ويترتّب عليها الأحكام العقليّة من التنجيز والإعذار وغيرها ، وبالجملة يجعلها علما تنزيلا رأسا من دون حكم تكليفي ، لما سيأتي من إمكان الجعل الاستقلالي في الأحكام الوضعيّة فإنّ هذا الجعل جعل يترتّب عليها آثاره وفوائده ، وبالجملة فالشارع بجعله تمّم كشفها وجعلها طريقا إلى امتثال أحكامه وألغى احتمال خلافها بجعله
__________________
(١) الفرائد ٣ : ١٢٦ (قال : المشهور ـ كما في شرح الزبدة ـ بل الّذي استقرّ عليه رأي المحقّقين ـ كما في شرح الوافية للسيّد صدر الدين ـ أنّ الخطاب الوضعي مرجعه إلى الخطاب الشرعي).