في تفسير سورة القصص
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿طسم * تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ * نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ
بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً
يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ
أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ
وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ (١) و (٦)﴾
لمّا ختم سبحانه سورة النمل المفتتحة بذكر فضيلة القرآن المتضمّنة لبيان تفضّلاته على الأنبياء ، وحججه على التوحيد والمعاد ، وإنعامه على المؤمنين في الآخرة ، وحرمة مكة ، وترغيبه في تلاوة القرآن المختتمة بأمر النبيّ بالحمد على تفضّله عليه بالحكمة والنبوة ، وتهديد مكذّبيه بإراءتهم العذاب في الآخرة ، اردفها في النظم بسورة القصص المفتتحة بذكر عظمة القرآن المتضمّنة لتفضلاته على موسى ، ومنّته على المؤمنين به باهلاك أعدائهم وأخلافهم في الأرض ، وإثبات التوحيد والمعاد ، وبيان حرمة الحرم ، وفضل نبينا ، وصدق كتابه ، ورجوع أمر النبوة إلى اختيار الله ، واختصاص الحمد في الدنيا والآخرة به ، وغير ذلك من المطالب المناسبة لما في السورة السابقة ، فابتدأها على حسب دأبه في كتابه بذكر أسمائه المباركات تعليما للعباد بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ ثمّ افتتحها بالحروف المقطّعة بقوله : ﴿طسم﴾ وقد مرّ تأويلها ، وما ذكره كثير من العامة في تأويلها تخرّص بالغيب واتّباع للمتشابه.
ثمّ عظّم سبحانه السورة بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ السورة أو الآيات ﴿آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ﴾ والقرآن الموضّح للحقّ وطريق الرشاد ، أو الموضّح لكونه من الله باشتماله على المعجزات ، أو لصدق نبوة محمّد صلىاللهعليهوآله. أو المبين للحلال والحرام وكيفية التخلّص من شبهات الضالّين وقصص الأولين.
ثمّ شرع في قصة موسى بقوله : ﴿نَتْلُوا﴾ ونقرأ ﴿عَلَيْكَ﴾ يا محمّد بواسطة جبرئيل بعضا ﴿مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ﴾ وجملة من خبرهما الذي له شأن حال كوننا ملتبسين ﴿بِالْحَقِ﴾ والصدق ليكون