أنها كالصلة ؛ إذ سكنت وهى فى آخر الحروف (١) واستثقلت فحذفت. ومن أتمّها فهو البناء والأصل. ويفعلون ذلك فى الياء وإن لم يكن قبلها نون ؛ فيقولون هذا غلامى قد جاء ، وغلام قد جاء ؛ قال الله تبارك وتعالى (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ) (٢) فى غير نداء بحذف الياء. وأكثر ما تحذف بالإضافة فى النداء ؛ لأن النداء مستعمل كثير فى الكلام فحذف فى غير نداء. وقال إبراهيم (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ) (٣) بغير ياء ، وقال فى سورة الملك (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٤) و (٥) (نَذِيرِ) وذلك أنهن رءوس الآيات ، لم يكن فى الآيات قبلهن ياء ثانية فأجرين على ما قبلهن ؛ إذا كان ذلك من كلام العرب.
ويفعلون ذلك فى الياء الأصلية ؛ فيقولون : هذا قاض ورام وداع بغير ياء ، لا يثبتون الياء فى شىء من فاعل. فإذا أدخلوا فيه الألف واللام قالوا بالوجهين ؛ فأثبتوا الياء وحذفوها. وقال الله (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) (٦) فى كل القرآن بغير ياء. وقال فى الأعراف (فَهُوَ الْمُهْتَدِي) (٧) وكذلك قال (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) (٨) و (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ) (٩). وأحبّ ذلك إلىّ أن أثبت الياء فى الألف واللام ؛ لأن طرحها فى قاض ومفتر وما أشبهه بما أتاها من مقارنة نون (١٠) الإعراب وهى ساكنة والياء ساكنة ، فلم يستقم جمع بين ساكنين ، فحذفت الياء لسكونها. فإذا أدخلت الألف واللام لم يجز إدخال النون ، فلذلك أحببت إثبات الياء. ومن حذفها فهو يرى هذه العلّة : قال : وجدت الحرف بغير ياء قبل أن تكون فيه الألف واللام ، فكرهت إذ دخلت أن أزيد فيه ما لم يكن. وكلّ صواب.
__________________
(١) كذا فى ش. وفى ح : «الحرف».
(٢) آية ١٧ سورة الزمر.
(٣) آية ٤٠ سورة إبراهيم.
(٤) آية ١٨.
(٥) آية ١٧.
(٦) آية ٩٧ سورة الإسراء ، وفيها : ومن يهد بالواو ، آية ١٧ سورة الكهف.
(٧) آية ١٧٨.
(٨) آية ٤١ سورة ق.
(٩) آية ١٨٦ سورة البقرة.
(١٠) يريد التنوين ، وجعله نون الإعراب لأنه يدخل فى المعرب وينكب عن المبنىّ.