يا معاوية ، إنّ الدنيا عنك زائلة ، وإنك راجع إلى الآخرة ، وإن الله مجازيك بعملك ، ومحاسبك بما قدّمت يداك. وإني انشدك بالله أن تفرّق جماعة هذه الأمّة ، وأن تسفك دماءها بينها.
فقطع معاوية عليه كلامه وقال له : هلّا أوصيت بهذا صاحبك؟
فقال أبو عمرة : سبحان الله! إنّ صاحبي أحقّ البريّة في هذا الأمر في الفضل والدين ، والسابقة والإسلام ، والقرابة من رسول الله صلىاللهعليهوآله. وإني أدعوك إلى تقوى ربّك ، وإجابة ابن عمك إلى ما يدعوك إليه من الحقّ ، فإنّه أسلم لك في دينك ، وخير لك في عاقبة أمرك!
فقال معاوية : ويطلّ دم عثمان؟! لا والرحمن لا أفعل ذلك أبدا!
فبادر شبث بن ربعي فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
يا معاوية ، قد فهمت ما رددت على ابن محصن ، إنّه لا يخفى علينا ما تطلب! إنك لا تجد شيئا تستغوي به الناس وتستميل به أهواءهم وتستخلص به طاعتهم إلّا أن قلت لهم : قتل إمامكم مظلوما فهلمّوا نطلب بدمه! فاستجاب لك سفهاء طغام رذال! وقد علمنا أنّك قد أبطأت عنه بالنصر وأحببت له القتل ، لهذه المنزلة التي تطلب! وربّ مبتغ أمرا وطالبه يحول الله دونه ، وربّما اوتي المتمنّي امنيّته وربّما لم يؤتها ، وو الله ما لك في أي واحدة منها خير! والله لو أخطأت ما ترجو إنك لشرّ العرب حالا ، ولئن أصبت ما تتمنّاه لا تصيبه حتّى تستحقّ صلي النار! فاتّق الله يا معاوية ودع ما أنت عليه ولا تنازع الأمر أهله! وسكت.
فلم يمهل معاوية أن يتكلّم سعيد الهمداني دون أن حمد الله وأثنى عليه ثمّ قال مجيبا :