ثمّ سرت مع ذي الكلاع حتى دخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص وابنه عبد الله وأبو الأعور السلمي وغيرهم ، فقال ذو الكلاع لعمرو : يا أبا عبد الله ؛ هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق يخبرك عن عمّار بن ياسر ولا يكذبك؟ وهو ابن عمّي هذا من أهل الكوفة.
فقال لي عمرو : إني لأرى عليك سيماء أبي تراب (١).
فقلت له : عليّ سيماء محمد وأصحابه ، وعليك سيماء أبي جهل وفرعون!
وكان أبو الأعور السّلمي حاضرا فسلّ سيفه وقال : لا أرى هذا الكذّاب الأليم يشاتمنا بين أظهرنا وعليه سيماء أبي تراب!
فنهره ذو الكلاع وقال له : أقسم بالله لئن بسطت إليه يدك لأحطمنّ أنفك بالسيف! ابن عمّي وقد عقدت له بذمّتي وجئت به إليكما ليخبركما عما تماريتما فيه.
فقال لي عمرو : يا أبا نوح اذكّرك بالله إلّا ما صدّقتنا أفيكم عمّار بن ياسر؟!
فقلت له : إنّ معنا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله غيره عدّة ، وكلّهم جادّ على قتالكم ، فما أنا بمخبرك عنه حتّى تخبرني لم تسألني عنه؟
فقال عمرو : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «إنّ عمارا تقتله الفئة الباغية ، وإنه ليس ينبغي لعمّار أن يفارق الحقّ وأن تأكل النار منه شيئا».
فقلت : لا إله إلّا الله والله أكبر ، والله إنه لفينا جادّ على قتالكم! ولقد حدّثني يوم الجمل : أنا سنظهر عليهم ، ولقد حدثني أمس أن : لو ضربتمونا حتّى تبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحقّ وأنهم على الباطل ، ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار!
فقال لي عمرو : فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه؟ قلت : نعم.
__________________
(١) هذه أول بادرة في أخبار أهل الشام بنبز الإمام عليهالسلام بلقب أبي تراب خلافا للآداب.