وكان يزيد بن هانئ السبيعي الهمداني حاضرا فأرسله الإمام إلى الأشتر : أن ائتني! فانطلق إليه وعاد فقال : قال الأشتر : ائته فقل له : ليست هذه بالساعة التي ينبغي أن تزيلني فيها عن موقفي ، فإني قد رجوت الله أن يفتح لي ، فلا تعجلني.
وكان إبراهيم بن الأشتر حاضرا قال : ما انتهى إلينا الرسول حتى ارتفع العجاج والأصوات من قبل أبي الأشتر (بالتكبير) وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق ، ودلائل الإدبار والخذلان لأهل البطلان!
فقال مقدّمو القوم : والله ما نراك إلّا أمرته بقتال القوم؟
فقال الإمام عليهالسلام : أليس إنّما كلمته علانية على رءوسكم وأنتم تسمعون؟! أرأيتموني ساررت رسولي؟!
قالوا : فابعث إليه ليأتك ، وإلّا ـ فو الله ـ اعتزلناك!
فقال علي عليهالسلام لزيد : يا زيد قل له : أقبل إليّ فإن الفتنة قد وقعت!
فانطلق إليه فأخبره ، فسأله الأشتر : الرفع هذه المصاحف؟! قال : نعم ، قال : إنّها من مشورة ابن النابغة (يعني ابن العاص) أما والله لقد ظننت أنها حين رفعت ستوقع اختلافا وفرقة! ثمّ قال له : ويحك ألا ترى إلى ما يلقون؟ ألا ترى إلى الذي يصنع الله لنا؟ أينبغي أن ندع هذا وننصرف عنه؟!
فقال له يزيد : أتحبّ أن تظفر أنت هنا وأمير المؤمنين يفرج عنه ويسلّم إلى عدوّه؟! فإنّهم قالوا له : لترسلنّ إلى الأشتر فليأتينّك أو لنقتلنّك كما قتلنا عثمان! أو لنسلمنّك إلى عدوّك!
فانتكس الأشتر وانكسر وانصرف وتراجع وعاد مقبلا حتّى انتهى إليهم فصاح بهم : يا أهل الذل والوهل! أحين علوتم القوم فظنّوا أنكم قاهرون لهم رفعوا لكم المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها وسنّة من قد أنزلت عليه ، فلا تجيبوهم ، أمهلوني فواقة (ناقة ـ بمقدار حلبها) فإني