لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها الشمال إن كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة! أو لست على بيّنة من ربّي ، ويقين من ضلالة عدوّي؟! أو لستم قد رأيتم الظفر إن لم تجمعوا على الخور؟!
فقال له الأشعث : إنك والله ما رأيت ظفرا ولا خورا! هلمّ فاشهد على نفسك وأقرر بما كتب في هذه الصحيفة ، فإنه لا رغبة بك عن الناس!
فقال الأشتر : بلى والله إن بي لرغبة عنك في الدنيا للدنيا وفي الآخرة للآخرة! ولقد سفك الله بسيفي هذا دماء رجال ما أنت بخير منهم عندي ولا أحرم دما! قال : ولكن قد رضيت بما صنع علي أمير المؤمنين ودخلت فيما دخل فيه وخرجت مما خرج منه ، فإنه لا يدخل إلّا في هدى وصواب (١)!
ومع هذا التصريح اللامع حاولوا أن يفتنوا فيما بينه وبين أمير المؤمنين فقالوا له : إن الأشتر لم يرض بما في هذه الصحيفة ولا يرى إلّا قتال القوم!
فقال الإمام عليهالسلام : بلى ، إن الأشتر ليرضى إذا رضيت. وقد رضيتم ورضيت ، ولا يصلح الرجوع بعد الرضا ولا التبديل بعد الإقرار ، إلّا أن يعصى الله ويتعدّى ما في كتابه.
وأما الذي ذكرتم من تركه أمري وما أنا عليه فليس (الأشتر) من أولئك ، وليس أتخوفه على ذلك! وليت فيكم مثله اثنين! بل ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوّه مثل رأيه إذ لخفّت عليّ مئونتكم ، ورجوت أن يستقيم لي بعض أودكم (٢)!
__________________
(١) وقعة صفين : ٥١١ ـ ٥١٢ هذا ، وقد ذكر اسمه في شهود الصحيفة على رواية الجعفي مما يوهنها.
(٢) الإرشاد للمفيد ١ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠ وبعده : وقد نهيتكم عمّا أتيتم فعصيتم فكنت كما قال أخو هوازن.