بالنهروان حلّوا بناحية قرية (١) ، وخرج جمع منهم فإذا هم برجل يسوق بامرأة على حمار ، ثمّ علم أنها امرأته وهي حامل مقرب ومعها أمّ سنان الصيداوية الصحابية وثلاث نسوة من طيّئ ، وكانوا في المعبر الآخر من النهر فعبر هؤلاء إليهم فأفزعوهم حتّى سقط ثوب الرجل لما أفزعوه ، وقالوا له : من أنت؟ قال : أنا عبد الله بن خبّاب بن الأرت صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله (وكان أبوه خبّاب مات قريبا بالكوفة) ثمّ أهوى إلى ثوبه يتناوله من الأرض ، فقالوا له : أفزعناك؟ قال : نعم. قالوا : فلا روع عليك! فحدّثنا عن أبيك بحديث سمعه من النبيّ صلىاللهعليهوآله لعلّ الله ينفعنا به!
فقال : نعم ، حدثني أبي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : أن «ستكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه ، يصبح فيها مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي فيها مؤمنا ويصبح كافرا» قالوا : لهذا الحديث سألناك (٢) فما تقول في عليّ قبل التحكيم وبعده؟ قال : إنه أعلم منكم بالله وأنفد بصيرة وأشدّ توقيا على دينه! فقالوا له : إنك توالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها وتتبّع الهوى ، والله لنقتلنّك قتلة ما قتلناها أحدا! وأخذوه فكتّفوه ، ثمّ أقبلوا به وبامرأته والنسوة معها حتّى نزلوا تحت نخيل حوامل برطبها ، فسقطت رطبة منها فأخذها بعضهم وقذفها في فيه ، فقال له رجل منهم
__________________
(١) بل في قرية كسكر كورة بين البصرة وبغداد بل العمارة والكوت قرب واسط كما في أطلس تاريخ الإسلام خارطة : ٦١ و ٦٢ ، وانظر شرح النهج ٢ : ٢٧٥ عن الكامل للمبرّد وانفرد الحلبي في المناقب ٣ : ٢١٨ : أنه كان عامل الإمام على النهروان! ولا يصح.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٨١ وهنا فيه بين كماشتين سؤال عن قوله في أبي بكر وعمر وعثمان ، فيقول فيهم خيرا! ثمّ يعلق المحقق : أنها زيادة من ابن الأثير والنويري! ويخلو منها أنساب الأشراف فأكملناه منه.