ثمّ جاء فارس آخر بمثل قول الأوّل ، فلم يكترث الإمام بقوله ، ثمّ جاء فوارس آخرون بمثل ذلك. فلم يكترث بقولهم (١).
وقال المسعودي : أنه عليهالسلام كان قد أرسل إليهم رسولا يخبره خبرهم وكان من يهود سواد العراق ، فرجع وأخبره : أن القوم قد عبروا نهر طبرستان! ثمّ قال المسعودي : كان على هذا النهر قنطرة تعرف بقنطرة طبرستان بين بغداد وحلوان من بلاد خراسان (ـ ايران) فقال علي عليهالسلام : والله ما عبروه ولا يقطعونه حتّى نقتلهم بالرميلة دونه! ثمّ تواترت عليه الأخبار بعبورهم لهذا الجسر وهو يأبى ويحلف أنّهم ما عبروه وأنّ مصارعهم دونه وقال : «سيروا إلى القوم ، فو الله لا يفلت منهم عشرة ، ولا يقتل منكم عشرة» فكان كما قال (٢).
والمفيد في «الإرشاد» لم يرشد إلى مصدر معيّن للخبر وإنما قال : روى أصحاب السيرة عن جندب بن عبد الله الأزدي ... وهو حديث مشهور شايع بين نقلة الآثار ، وقد أخبر به الرجل عن نفسه في عهد أمير المؤمنين وبعده ... قال ـ عن مصاحبته للإمام عليهالسلام في طريق نهروان ـ : خرجت غدوة بإداوة ماء ومعي رمحي وترسي ، حتّى برزت من الصفوف ، ثمّ ركزت رمحي وعلّقت عليه ترسي استتر به من الشمس وجلست بظلّه ، وإذا أقبل إليّ أمير المؤمنين وقال لي : يا أخا الأزد أمعك طهور؟ قلت : نعم ، ثمّ ناولته الإداوة فمضى بها حتّى لم أره ثمّ أقبل فتنحّيت له فجلس بظلّ الترس ، فإذا فارس كأنّه يسأل عنه فقال لي : أشر إليه. فأشرت إليه فجاء فقال له : يا أمير المؤمنين ؛ إنّ القوم قد عبروا النهر ، فقال : كلّا ما عبروا! قال : بلى والله لقد فعلوا! قال : كلّا ما فعلوا! إذ جاء آخر فقال : يا أمير المؤمنين ، إن القوم
__________________
(١) المصدر الأسبق للمعتزلي عن المدائني.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٤٠٥.