وكان للأسدي جار من «الشيعة» فأتى عليّا عليهالسلام فأخبره بقصّتهما ، فأرسل إليهما قوما فأحاطوا بالدار ، فلمّا علم بذلك الأسدي شقّ خص سعف النخيل حول داره فأفلت في دور قومه ، ثمّ فرّ إلى معاوية وأخذ النجاشي فأتوا به عليّا عليهالسلام قرب المساء فأمسى في السجن.
فلمّا أصبح الإمام عليهالسلام في اليوم الثاني من رمضان ، أمر فأقامه في سراويله ثمّ ضربه ثمانين ثمّ زاده عشرين سوطا. فقال : يا أمير المؤمنين أمّا الحدّ فقد عرفته ، فما هذه العلاوة التي لا تعرف؟
قال عليهالسلام : لجرأتك على ربّك وإفطارك في شهر رمضان (١).
ثمّ أقامه في سراويله فجعل الصبيان يصيحون به : خزي النجاشي! خزي النجاشي! حتّى مرّ به هند بن عاصم السلولي وكان عليه مطرف خزّ فخلعه عليه على عادة تكريم الشعراء ، فاقتدى به كثير من الناس ولعلّهم من قومه فطرحوا عليه مطارف كثيرة فمدح هند بن عاصم.
ولحدّ النجاشي الحارثي اليماني غضب من كان مع الإمام من اليمانية ، وكان من أقربهم إليه طارق بن عبد الله النهدي فدخل عليه وقال له : يا أمير المؤمنين ، ما كنّا نرى أنّ أهل الطاعة والمعصية ، وأهل الجماعة والفرقة سيّان في الجزاء عند ولاة العدل ومعادن الفضل! حتى رأينا ما كان من عملك بأخي بني الحارث ، فأوغرت صدورنا ، وشتّت أمورنا ، وحملتنا على الجادّة التي كنا نرى أن سبيل من ركبها النار!
__________________
(١) ورواه في الكافي عن أبي مريم ٧ : ٢١٦ ، الحديث ١٥ ، والفقيه ٤ : ١٣٠ ، والتهذيب ١٠ : ٩٤ ، الحديث ٣٦٢.