فقال له محمّد : يا ابن اليهودية النسّاجة (إذ كان من اليمن) ليس ذلك إليك ولا إلى من ذكرت (عثمان) إنّما ذلك إلى الله يسقي أولياءه ويظمئ أعداءه وهم أنت وقرناؤك ومن تولّاك وتولّيته! والله ولو كان سيفي في يدي ما بلغتم منّي ما بلغتم!
فقال له معاوية : أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك في جوف هذا الحمار الميّت ثمّ أحرقه عليك بالنار!
فقال محمد : إن فعلتم ذلك بي فطالما فعلتم (مثله) بأولياء الله ، وايم الله إنّي لأرجو أن يجعل الله هذه النار التي تخوّفني بها بردا وسلاما كما جعلها على إبراهيم خليله ، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها لنمرود وأوليائه ، وإنّي لأرجو أن يحرقك الله وإمامك وهذا (ابن العاص) بنار تلظّى عليكم (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً)(١).
فقال له معاوية : إني لا أقتلك ظلما ، إنّما اقتلك بعثمان!
فقال له محمد : وما أنت وعثمان؟ إنّ عثمان عمل بغير الحقّ وبدّل حكم القرآن وقد قال الله عزوجل : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) و (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) و (فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(٢) فنقمنا عليه ذلك وأردناه أن يختلع من عملنا فلم يفعل ، فقتله من قتله من الناس!
فغضب معاوية وقدّمه فضرب عنقه ، ثمّ ألقاه في جوف حمار وأحرقه بالنار (٣)!
وبلغ خبره إلى أمّه أسماء بنت عميس بالمدينة فشخب ثدياها دما حتى ماتت (٤).
__________________
(١) الإسراء : ٩٧.
(٢) المائدة : ٤٤ و ٤٥ و ٤٧.
(٣) الغارات ١ : ٢٨٢ ـ ٢٨٤ ، والطبري ٥ : ١٠٣ ـ ١٠٥ عن أبي مخنف بسنده.
(٤) الغارات ١ : ٢٨٧.