اللهمّ إنّي استعديك على قريش ؛ فإنّهم قطعوا رحمي وأصغوا (واكفئوا) إنائي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي حقّا كنت أولى به منهم فسلبونيه ثمّ قالوا لي : ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه وفي الحقّ أن تمنعه! فاصبر كمدا متوخّما أو مت حنقا متأسّفا!
فنظرت فإذا ليس معي رافد ، ولا ذاب ولا مساعد ، إلّا أهل بيتي فظننت بهم عن الهلاك والمنيّة ، فأغضيت على الأذى وتجرّعت ريقي على الشجى ، وصبرت من كظم الغيظ على شيء أمرّ من العلقم ، وآلم للقلب من حزّ الشفار!
حتّى نقمتم على عثمان وأتيتموه فقتلتموه ، ثمّ جئتموني لتبايعوني ، فأبيت عليكم وأمسكت يدي ، فنازعتموني ودافعتموني ، وبسطتم يدي فكففتها ، ومددتم يدي فقبضتها ، وازدحمتم عليّ حتّى ظننت أن بعضكم قاتل بعض أو أنكم قاتلي! فقلتم : لا نجد غيرك ولا نرضى إلّا بك ، فبايعنا لا نفترق ولا تختلف كلمتنا! فبايعتكم ، ودعوت الناس إلى بيعتي ، فمن بايع طائعا قبلتها منه ، ومن أبى تركته ولم اكرهه.
فبايعني ـ فيمن بايعني ـ طلحة والزبير ، ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم اكره غيرهما.
فما لبثا إلّا يسيرا حتّى بلغني أنهما خرجا من مكة متوجهين إلى البصرة ، في جيش ما منهم رجل إلّا بايعني وأعطاني الطاعة.
فقدما على عاملي وخزّان بيت مالي ، وعلى أهل مصر كلهم على بيعتي وفي طاعتي ، فشتّتوا كلمتهم وأفسدوا جماعتهم ، ثمّ وثبوا على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدرا وطائفة صبرا.
وطائفة عصّبوا بأسيافهم فضاربوا بها حتّى لقوا الله صادقين (الجمل الأصغر) فو الله لو لم يصيبوا منهم إلّا رجلا واحدا متعمّدين لقتله بلا جرم جره لحلّ لي به