فلمّا كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوّكم فقلتم : كلّت سيوفنا ونفدت نبالنا ، ونصلت أسنّة رماحنا وعاد أكثرها قصدا (متكسّرة) فارجع بنا إلى مصرنا لنستعدّ بأحسن عدّتنا ، وإذا رجعت وزدت في مقاتلتنا عدّة من هلك منّا وفارقنا فإنّ ذلك أقوى لنا على عدوّنا! فأقبلت بكم ، حتّى إذا أظللتم على الكوفة بالنخيلة أمرتكم أن تنزلوا فيها وأن تلزموا معسكركم ، وأن تضمّوا قواضبكم ، وأن توطّنوا على الجهاد أنفسكم ، ولا تكثروا زيارة أبنائكم ونسائكم ، فإنّ أصحاب الحرب المصابروها وأهل التشمير فيها ، لا ينوحون من سهر ليلهم ولا ظمأ نهارهم ، ولا خمص بطونهم ولا نصب أبدانهم. فنزلت طائفة منكم معي (بالنخيلة) معذّرة ، ودخلت طائفة منكم المصر (الكوفة) عاصية! فلا من بقي منكم (بالنخيلة) ثبت وصبر! ولا من دخل المصر (الكوفة) عاد ورجع! فنظرت إلى معسكري وليس فيه خمسون رجلا!
فلمّا رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فما قدرت على أن تخرجوا معي إلى يومنا هذا فما تنتظرون؟!
أما ترون إلى أطرافكم قد انتقصت (بالغارات) وإلى أمصاركم قد افتتحت (في مصر) وإلى شيعتي بها قد قتلت! وإلى مسالحكم تعرى ، وإلى بلادكم تغزى! وأنتم ذوو عدد كثير! وشوكة وبأس شديد! فما بالكم؟! لله أنتم؟ من أين تؤتون؟! وأنّى تؤفكون؟! وأنّى تسحرون؟! ولو أنّكم عزمتم وأجمعتم لم تراموا.
__________________
ـ نواقص العقول ... وليست في الخبر المعتبر في الغارات ولا فيما اختصره منها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ١ : ١٥٤ ـ ١٥٩ ، وأشار إلى الخبر البلاذري في أنساب الأشراف ٢ : ٢٩٠ وقال : كان عند ابن سبأ نسخة حرّفها! فلعلّ الزيادة في النساء منها. ويبدو أنّ الرضي نقلها في نهج البلاغة عن المسترشد وفقا له.