وعمّار المساجد بتلاوة القرآن ، أفلا تسخطون وتهتمّون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم ، والأشرار الأراذل منكم؟
فاسمعوا ـ هداكم الله ـ قولي إذا قلت ، وأطيعوا أمري إذا أمرت ، فو الله لئن أطعتموني لا تغوون ، وإن عصيتموني لا ترشدون! خذوا للحرب اهبتها ، وأعدّوا لها عدّتها ، وأجمعوا لها فقد شبّت واوقدت نارها وعلا شنارها ، وتجرّد لكم فيها الفاسقون كي يعذّبوا عباد الله (بالغارات) ويطفئوا نور الله.
ألا إنّه ليس أولياء الشيطان ـ من أهل الطمع والجفاء والكبر ـ بأولى بالجدّ في غيّهم وضلالهم وباطلهم ، من أولياء الله أهل البرّ والزهادة والإخبات في حقّهم ، وطاعة ربّهم ومناصحة إمامهم. إنّي ـ والله ـ لو لقيتهم فردا وهم ملء الأرض ما باليت ولا استوحشت! وإنّي من ضلالتهم التي هم فيها والهدى الذي نحن عليه لعلى ثقة وبيّنة ويقين وصبر! وإنّي إلى لقاء ربّي لمشتاق ولحسن ثواب ربّي لمنتظر ، ولكن أسفا يعتريني وحزنا يخامرني : من أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها ، فيتّخذوا مال الله دولا وعباد الله خولا (عبيدا) والصالحين حربا والفاسقين حزبا! وأيم الله لو لا ذلك لما أكثرت تأنيبكم ، وتأليبكم وتحريضكم ، ولتركتكم إذ ونيتم وأبيتم ، حتى ألقاهم بنفسي متى ما حمّ لي لقاؤهم ، فو الله إنّي لعلى الحقّ وإنّي للشهادة لمحبّ.
(انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(١).
ولا تثّاقلوا إلى الأرض فتقرّوا بالخسف ، وتبوءوا بالذلّ والعسف ، ويكن نصيبكم الأخسر!
__________________
(١) التوبة : ٤١.