ابن الحضرمي وكثر أتباعه فزع زياد وهاله ذلك ، فبعث إلى الحضين بن منذر الرقاشي ومالك بن مسمع (؟) فدعاهما وقال لهما : إنّكم أنصار أمير المؤمنين و «شيعته» وثقته ، وقد جاءكم هذا الرجل بما قد بلغكم ، فأجيروني حتّى يأتيني أمر أمير المؤمنين ورأيه.
فقال الحضين الرقاشي : نعم ، نحن فاعلون ، ولن نخذلك ولن نسلمك!
ولكن مالكا قال : أمّا أنا فأرجع إلى من ورائي واستشيرهم في ذلك وانظر فيه ثمّ ألقاك!
فلم ير زياد منهما ما يطمئنّ إليه (١).
وكان أبو الأسود الدؤلي على بيت المال فاستشاره زياد وقال له : ألا ترى كيف صغى أهل البصرة إلى معاوية؟! وما لي مطمع في الأزد!
فقال له أبو الأسود : إن أنت تركتهم تركوك ولم ينصروك ولكنّك إن أصبحت فيهم منعوك (٢)!
فبعث زياد إلى صبرة بن شيمان الأزدي فقال له : يا ابن شيمان ، أنت سيّد قومك وأحد عظماء هذا المصر ، فإن لم يكن فيه أحد هو أعظم أهله فأنت ، أفلا تجيرني وتمنعني؟ وتمنع بيت مال المسلمين ، فإنّما أنا أمين عليه!
فأجابه صبرة : بلى إن أنت تحمّلت حتّى تنزل في داري منعتك! فوافقه على ذلك ثمّ ارتحل ليلا حتى نزل دار صبرة ، ولما أصبح كتب إلى عبد الله بن عباس :
للأمير عبد الله بن عباس ، من زياد بن عبيد (الثقفي) سلام عليك ، أمّا بعد ، فإنّ عبد الله بن عامر الحضرمي أقبل من قبل معاوية حتّى نزل في بني تميم ، ونعى ابن عفّان ودعا إلى الحرب ، فتابعه جلّ أهل البصرة! فلمّا رأيت ذلك استجرت في الأزد
__________________
(١) الغارات ٢ : ٣٨٧ و ٣٨٩.
(٢) الغارات ٢ : ٣٩١ عن الكلبي.