على قومي! أما والله لو أنّ ابن هند أو ابن عفّان كانا يطالبانني بها لتركاها لي! ألم تر إلى ابن عفّان حيث أطعم الأشعث في كلّ سنة من خراج آذربايجان : مائة ألف درهم!
فقال له ذهل الذهلي : إنّ هذا (الإمام) لا يرى ذلك الرأي ، وما هو بتارك لك شيئا! فسكت وسكت ذهل حتّى خرج من رحله ، وكأنّه طلب منه الوساطة لدى الإمام عليهالسلام فردّه.
ومكث مصقلة بعد هذا ليلة واحدة ثمّ فرّ إلى معاوية ، وبلغ ذلك الإمام عليهالسلام فقال فيه :
«ماله ترّحه الله! فعل فعل السيّد وفرّ فرار العبد وخان خيانة الفاجر! أمّا إنّه لو أقام فعجز ما زدنا على حبسه ، فإن وجدنا له شيئا أخذناه ، وإن لم نقدر له على مال تركناه» ثمّ أمر فهدموا داره.
وكان أخوه نعيم بن هبيرة الشيباني شيعيّا مناصحا لعلي عليهالسلام ، فلمّا استقرّ مصقلة لدى معاوية كلّمه في أخيه فوعده الكرامة ومنّاه الإمارة ، فكتب مصقلة بذلك إلى أخيه وحمله إليه مع نصراني من بني تغلب يدعى حلوان. فلمّا قدم بالكتاب إلى العراق أخذه مالك بن كعب وبعث به إلى الإمام فأمر به فقطعت يده فنزف دما حتّى مات ، فلمّا بلغ ذلك أهله من بني تغلب طلبوا ديته من مصقلة فودّاه لهم.
وقيل للإمام عليهالسلام : اردد الذين سبوا ولم تستوف أثمانهم ، ارددهم في الرّق! فقال :
ليس ذلك بحقّ في القضاء ، فإنّهم قد اعتقوا إذ أعتقهم الذي اشتراهم ، وصار المال دينا عليه (١).
__________________
(١) الغارات ١ : ٣٦٢ ـ ٣٧٠ عن المدائني بأسناده ، والطبري ٥ : ١٢٨ ـ ١٣٠ عن أبي مخنف بأسناده. وقال اليعقوبي كان ذلك في سيف عمان ٢ : ١٩٥ والمسعودي : ساحل البحرين وقصة مصقلة في كور الأهواز ٢ : ٤٠٨ ولا يصح شيء منهما.