هذا ما نقله الحلبي ، عن البلاذري ، وروى نحوه الطوسي بسنده عن الصادق عليهالسلام وفيه :
فقال عقيل : يا أمير المؤمنين ، أفتأذن لي أن (أرحل) إلى معاوية؟! قال له : (أنت) في حلّ محلّل فانطلق نحوه ، وبلغ معاوية قدومه فأمر أصحابه أن يلبسوا من أحسن ثيابهم ثمّ يركبوا إليه أفره دوابّهم! وأبرز معاوية له سريره.
فلما انتهى عقيل إليه قال له معاوية : مرحبا بك يا أبا يزيد! ثمّ قال له : ما نزع بك؟ فقال مصرّحا : طلب الدنيا من مظانّها! ولم ينكر معاوية ذلك بل أقرّ به وقال : أصبت ووفّقت! وقد أمرنا لك بمائة ألف ، فجيء بها إليه فأعطاها إياه ثمّ قال له : أخبرني عن من مررت به من العساكر؟ قال : اخبرك في الجماعة أو في الوحدة؟ قال : بل في الجماعة. فقال عقيل : كان أوّل من استقبلني من عسكرك أبو الأعور السّلمي ومعه طائفة من المنافقين والمنفّرين برسول الله ناقته! إلّا أنّ أبا سفيان لم يكن فيهم! فأسكت معاوية وكفّ عنه حتّى ذهب الناس.
فلما ذهب الناس قال له : يا أبا يزيد ؛ أيش (أي شيء) صنعت بي؟!
قال : ألم أقل لك : في الجماعة أو في الوحدة ، فأبيت عليّ؟!
قال : فالآن فاشفني من عدوّي؟ قال : فذلك عند الرحيل. فلما شدّ غرائره ورواحله أقبل نحو معاوية ، وقد جمع حوله معاوية أصحابه وكان عقيل من أنسب الناس ، فلما انتهى إليه وقعد قال له : يا معاوية من ذا عن يمينك؟ قال : هو عمرو بن العاص ، فتضاحك عقيل وقال : لقد علمت قريش أنه لم يكن أخصى لتيوسها من أبيه!
ثمّ قال له : فمن هذا (عن يسارك) قال : هذا أبو موسى الأشعري! فتضاحك ثمّ قال : لقد علمت قريش المدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قبّ أمّه المراغة (١).
__________________
(١) القبّ : ما بين الوركين والأليتين ، والمراغة : التي يتمرّغ عليها وفيها الرجال!