ما يقول؟ قالت : سله. فقلت له : لو ينخلون دقيقك! فبكى ثمّ قال : بأبي وأمّي من لم يشبع ثلاثا متوالية من خبز برّ حتّى فارق الدنيا ولم ينخل دقيقه. يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
وقال له عقبة بن علقمة : يا أمير المؤمنين أتأكل مثل هذا؟ فقال له : يا أبا الجنوب رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل أيبس من هذا ، فإن أنا لم آخذ بما أخذ به خفت أن لا ألحق به (٢).
نعم ، إنّما كان حلواه التمر واللبن ، وثيابه الكرابيس (القطن) ولكنّه أعتق ألف مملوك ممّا عملت يداه (٣) واشترى ثوبين أحدهما بدرهمين والآخر بثلاثة دراهم ، فقال لغلامه قنبر : يا قنبر خذ الذي بثلاثة ، قال : يا أمير المؤمنين أنت تصعد المنبر وتخطب الناس فأنت أولى به ، فقال له : يا قنبر ، أنا استحيي من ربّي أن أتفضّل عليك! فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «ألبسوهم ممّا تلبسون وأطعموهم ممّا تأكلون» وأنت شابّ ولك شرّة الشباب (٤) وكان يخرج إلى السوق ومعه درّته (٥) يأمر وينهى. وفرض لمن قرأ (وحفظ) القرآن ألفين ألفين (٦) بينما فرض لشريح خمسمائة (٧).
وعاد عبد الله بن العباس إلى البصرة ، هذا وأخوه عبيد الله على اليمن ، وأخوه قثم على مكّة وهو الذي حجّ بالناس في هذه السنة (٣٨ ه) واستمرّت غارات معاوية.
__________________
(١) الغارات ١ : ٨٧ ـ ٨٨.
(٢) الغارات ١ : ٨٥.
(٣) الغارات ١ : ٩٢ بطريقين عن الحسن والصادق عليهماالسلام.
(٤) الغارات ١ : ١٠٦ عن أبي مطر الجهني البصري وكان مسافرا يبيت في المسجد الجامع.
(٥) الغارات ١ : ١١٤.
(٦) الغارات ١ : ١٣١.
(٧) الغارات ١ : ١٢٢ واستطردنا للمناسبة.