معاوي إن لا تسرع السير نحونا |
|
نتابع عليّا أو يزيد اليمانيا! |
وكأنّه قدم هذا الكتاب عليه مع خروج من حثّه على اغتنام الفرصة مع الوليد من عنده ، فدعا ببسر بن أبي أرطاة العامري (الصحابي)! وكان قسيّ القلب سفّاكا للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة (١)! فعقد له على ثلاثة آلاف فارس! وقال له : سر نحو المدينة فاطرد الناس وأخف من تمرّ به ، وانهب أموال كلّ من أصبت له مالا ممّن لا يدخل في طاعتنا! فإذا دخلت المدينة فأرهم أنّك تريد أنفسهم ، وأخبرهم أنّه لا براءة لهم عندك ولا عذر! حتّى إذا ظنّوا أنّك موقع بهم فاكفف عنهم. ثمّ سر نحو مكة ، فأرهب الناس فيما بين المدينة ومكة واجعلهم شرادات حتّى تدخل مكة فلا تعرض لأحد فيها. ثمّ سر إلى صنعاء والجند فإنّ لنا بهما شيعة وقد جاءني كتابهم (٢)! ولا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلّا بسطت عليهم لسانك حتّى يروا أنّه لا نجاة لهم منك وأنك محيط بهم ثمّ اكفف عنهم وادعهم إلى بيعتي ، فمن أبى فاقتله! واقتل «شيعة» عليّ حيث كانوا (٣).
وخرج بسر بذلك الجيش إلى دير مرّان فاستعرضهم فأسقط منهم أربعمائة ومشى بألفين وستّمائة. فلمّا وردوا أوّل المياه في طريقهم أخذوا إبلهم وقادوا خيولهم حتّى الماء اللاحق ، فيردّون إبل اولئك ويأخذون إبل هؤلاء ، فلم يزالوا كذلك حتى دنوا من المدينة.
وكان عامل الإمام عليهالسلام على المدينة يومئذ أبو أيوب خالد بن يزيد الأنصاري ، وسمع بهم فخرج منها خائفا يترقّب ، ودخل بسر فخطب الناس وبدأ بالآية الكريمة : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ
__________________
(١) الغارات ٢ : ٥٩٧ ـ ٥٩٨.
(٢) الغارات ٢ : ٦٠٠.
(٣) الغارات ٢ : ٥٩٨.