فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(١) ثمّ قال : وقد أوقع الله ذلك المثل بكم وجعلكم أهله! فإنّ بلدكم كان مهاجر النبيّ ومنزله وفيه قبره ، ومنازل الخلفاء بعده ، فلم تشكروا نعمة ربّكم ، ولم ترعوا حقّ أئمّتكم ، وقتل «خليفة الله» بين أظهركم ، فكنتم بين قاتل وخاذل وشامت ومتربّص! فإن كانت للمؤمنين قلتم : ألم نكن معكم! وإن كان للكافرين نصيب قلتم : الم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين؟! ثمّ قال :
يا أبناء اليهود العبيد : بني زريق وبني النجار وبني سالم ، وبني عبد الأشهل ، أما والله لأوقعنّ بكم وقعة تشفي غليل صدور آل عثمان والمؤمنين! أما والله لأدعنّكم أحاديث كالأمم السالفة (٢)!
وكان حويطب بن عبد العزّى العامري زوج أمّه فصعد إليه إلى المنبر وقال له : أنصار رسول الله وعلي عليهالسلام ليسوا بقتلة عثمان ، ولم يزل به حتّى سكن ، ثمّ دعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوا.
ونزل بسر فأحرق دار زرارة بن جرول ورفاعة بن رافع الزرقي وأبي أيوب الأنصاري ، وعاذ جابر بن عبد الله الأنصاري بأم سلمة! فأرسلت إلى بسر تسأله فيه فقال : لا اؤمّنه حتّى يبايع فأمرت ابنها عمر بن أبي سلمة أن يذهب مع جابر فيبايعا لمعاوية! فذهبا فبايعا! وقالت : وإنّي لأعلم أنّها بيعة ضلالة (٣)!
__________________
(١) النحل : ١١٢.
(٢) الغارات ٢ : ٦٠٠ ـ ٦٠٣ وفي : ٦٠٨ زيادة : يا أهل المدينة ، أخضبتم لحاكم وقتلتم عثمان مخضوبا! ثمّ قال لجنده : خذوا بأبواب المسجد وقال : والله لا أدع في المسجد مخضوبا إلّا قتلته! فقام إليه عبد الله بن الزبير ومعه رجل من بني عامر وطلبا إليه حتّى كفّ عنهم!
(٣) زاد هنا اليعقوبي ٢ : ١٩٨ عن جابر قال : هذه بيعة ضلال ولكنّي أخشى أن أقتل! فقالت : إذن فبايع ، فإنّ «التقيّة» حملت أصحاب الكهف على أن يلبسوا الصلب ويحضروا ـ أعياد قومهم! وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٥٢ ، الحديث ٥٢٢ : وهدم منزل من هرب ولم يبايع لمعاوية!