فقام الحسن إليه وقال له : بايع يا قيس (١)! فأقبل قيس عليه وقال له : أنا في حلّ من بيعتك! قال عليهالسلام : نعم ، فالتفت إليه معاوية وقال له (٢) بايع ، قيس!
فقال له قيس : إن كنت لأكره مثل هذا اليوم يا معاوية (بلا لقب) ولقد حرصت أن أفرّق بين روحك وجسدك قبل هذا! فأبى الله ـ يا ابن أبي سفيان ـ إلّا ما أحب!
ثمّ أقبل على الناس وقال لهم : يا معشر الناس! لقد اعتصتم الشرّ من الخير ، واستبدلتم الذلّ من العزّ والكفر من الإيمان! فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وابن عمّ رسول ربّ العالمين! وقد وليكم الطليق ابن الطليق! يسومكم الخسف ويسير فيكم بالعسف! فكيف تجهل ذلك أنفسكم؟! أم طبع الله على قلوبكم فأنتم لا تعقلون؟! وسكت.
فجثا معاوية على ركبتيه وأكبّ على قيس حتّى أخذ بيده وقال له : أقسمت عليك وصفق على كفّه ، فتنادى الناس : بايع قيس ، بايع قيس! فقال لهم : كذبتم ، والله ما بايعت (٣).
فالتفت معاوية إلى الحسن عليهالسلام وقال له : يا أبا محمد ، إنك قد جدت بشيء لا تطيب أنفس الرجال بمثله! فاخرج (من الخيمة) إلى الناس فأظهر ذلك لهم واعتذر! فأبى ، فأقسم عليه!
فقام وخرج إلى الناس ورقى المنبر فقام عليه وحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم :
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١١٠ ، الحديث ١٧٦ ـ ١٧٧ بطريقين.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤٧.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٦ ـ ٢١٧.