وقال له معاوية : لا تفعل يا أبا عبد الله! فإنك لا تنصف منه! ولعلك تظهر لنا ما هو خفيّ عنا من منقبته.
وإذا أراد الله نشر فضيلة |
|
طويت أتاح لها لسان حسود |
ودخل ابن جعفر فأدناه معاوية وقرّبه إليه. فمال عمرو إلى بعض جلسائه فنال من عليّ عليهالسلام جهارا وثلبه ثلبا قبيحا! فالتمع لون ابن جعفر وارعد وقام كالجمل الفحل من السرير والتفت إلى معاوية وحسر عن ذراعيه وقال له : يا معاوية (كذا) حتّام نتجرّع غيظك؟! وإلى كم الصبر على مكروه قولك؟! وسيّئ أدبك! وذميم أخلاقك! هبلتك الهبول (فقدتك الثاكل) فإذا لم تكن لك حرمة من دينك تنهاك عمّا لا يجوز (من شتم عليّ) أما يزجرك زمام المجالسة عن القذع لجليسك؟! أما والله لو عطفتك أواصر الأرحام أو حاميت عن سهمك في الإسلام ما أرعيت بني الإماء (ابن العاص) أعراض قومك! وما يجهل موضع الصفوة إلّا أهل الجفوة! فلا يدعونّك تصويب ما فرط من خطائك في سفك دماء المسلمين ومحاربة أمير المؤمنين ، إلى التمادي في ما قد وضح لك الصواب في خلافه! فاقصد لمنهج الحقّ فقد طال عمهك عن سبيل الرشد! وخبطك في بحور ظلمة الغيّ! فإن أبيت أن تتابعنا بقبح اختيارك لنفسك ، فأعفنا من سوء القالة فينا إذا ضمّنا وإياك النادي وشأنك وما تريد إذا خلوت ، والله حسيبك!
ثم قال له : فو الله لو لا أنّ ما جعل الله لنا هو في يديك لما أتيناك!
فقال معاوية : يا بن جعفر! أقسمت عليك لتجلسنّ ، فلعن الله من أخرج ضبّ صدرك من وجاره! محمول لك ما قلت ، ولك عندنا ما أمّلت! وإن خلقك وخلقك شافعان لنا إليك ، وأنت ابن ذي الجناحين! وسيد بني هاشم!
فقال عبد الله : كلّا بل سيد بني هاشم حسن وحسين لا ينازعهما أحد في ذلك ... ثمّ انصرف.